أَوْ بَعْضُهُمْ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ وَجَبَ، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَقِيلَ يُنْقَلُ
وَشَرْطُ السَّاعِي كَوْنُهُ حُرًّا عَدْلًا فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ فَإِنْ عُيِّنَ أَخْذٌ وَدَفْعٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفِقْهُ
وَلْيُعْلِمْ شَهْرًا لِأَخْذِهَا.
ــ
[مغني المحتاج]
الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ (أَوْ) عُدِمَ (بَعْضُهُمْ) أَيْ الْأَصْنَافُ غَيْرَ الْعَامِلِ أَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ بَعْضٍ وَجَدَ مِنْهُمْ (وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) مَعَ وُجُودِهِمْ (وَجَبَ) نَقْلُ نَصِيبِ الصِّنْفِ الْمَعْدُومِ إلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ.
أَمَّا الْعَامِلُ فَنَصِيبُهُ يُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نُجَوِّزْ النَّقْلَ (فَيُرَدُّ) نَصِيبُ الْبَعْضِ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْهُ (عَلَى الْبَاقِينَ) حَتْمًا إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ فَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِمْ لِانْحِصَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِمْ (وَقِيلَ يُنْقَلُ) حَتْمًا إلَى أَقْرَبِ بَلَدٍ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَصْنَافِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَكَانِ الثَّابِتِ بِالِاجْتِهَادِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِهِ كَالْعَدَمِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ نُقِلَ ضَمِنَ.
تَنْبِيهٌ حَيْثُ جَازَ النَّقْلُ أَوْ وَجَبَ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ.
نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ السَّاعِي مِنْ الْمَالِكِ فَمُؤْنَةُ النَّقْلِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَشَرْطُ السَّاعِي) وَهُوَ الْعَامِلُ (كَوْنُهُ حُرًّا) ذَكَرًا مُكَلَّفًا (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَاتِ كُلِّهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا لِأَنَّهُ نَوْعُ وِلَايَةٍ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْوِلَايَاتِ.
تَنْبِيهٌ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ عَنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ (فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ وِلَايَتُهُ كَمَا قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِيُعْلَمَ مَنْ يَأْخُذُ وَمَا يُؤْخَذُ، هَذَا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ عَامًّا (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ) فَقَطْ (لَمْ يُشْتَرَطْ الْفِقْهُ) الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ اجْتِهَادَهُ بِالتَّعْيِينِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّكْلِيفُ وَالْعَدَالَةُ، وَكَذَا الْإِسْلَامُ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ.
وَمِثْلُ السَّاعِي أَعْوَانُ الْعَامِلِ مِنْ كُتَّابِهِ وَحُسَّابِهِ وَجُبَاتِهِ وَمُسْتَوْفِيهِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي حَاوِيهِ، وَيَقْسِمُ الزَّكَاةَ سَاعٍ قُلِّدَ الْقِسْمَةَ أَوْ أُطْلِقَ تَقْيِيدُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُلِّدَ الْأَخْذَ وَحْدَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ، فَإِنْ كَانَ السَّاعِي جَائِرًا فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ عَادِلًا فِي قَسْمِهَا جَازَ كَتْمُهَا عَنْهُ وَدَفْعُهَا إلَيْهِ، أَوْ كَانَ جَائِرًا فِي الْقِسْمَةِ عَادِلًا فِي الْأَخْذِ وَجَبَ كَتْمُهَا، فَلَوْ أُعْطِيَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا أَجْزَأَتْ وَإِنْ لَمْ يُوصِلْهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ كَالْإِمَامِ.
(وَلْيُعْلِمْ) الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ (شَهْرًا لِأَخْذِهَا) لِيَتَهَيَّأَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ لِدَفْعِهَا وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِأَخْذِهَا. وَيُسَنُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ كَوْنُ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَامِ، وَهَذَا فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَامُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ فَيَبْعَثْ وَقْتَ وُجُوبِهَا وَهُوَ فِي الزَّرْعِ عِنْدَ الِاشْتِدَادِ وَفِي الثِّمَارِ عِنْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يَبْعَثَ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ إلَّا عِنْدَ تَصْفِيَتِهَا بِخِلَافِ الثِّمَارِ فَإِنَّهَا تُخْرَصُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ بَعَثَ خَارِصًا لَمْ يَبْعَثْ السَّاعِي إلَّا عِنْدَ جَفَافِهَا.
تَنْبِيهٌ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ هَذَا الْإِعْلَامَ وَاجِبٌ، وَالصَّحِيحُ نَدْبُهُ.
وَيَجِبُ عَلَى