للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُسْتَحَبُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ لَمْ يَصِحَّ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَذْكَارِ أَيْضًا (لَا يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَتَابَعَ فِي الرَّوْضَةِ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَجَعَلَا فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ مِنْ الْخَاطِبِ، وَأُخْرَى مِنْ الْمُجِيبِ لِلْخِطْبَةِ، وَخُطْبَتَيْنِ لِلْعَقْدِ، وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَأُخْرَى قَبْلَ الْقَبُولِ، فَمَا صَحَّحَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا فِيهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ. وَالثَّانِي: وَنَقَلَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ: اسْتِحْبَابُهُ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُبْطِلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَبْطُلُ فَضْلًا عَنْ ضَعْفِ الْخِلَافِ، وَمَتَى قِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ، وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ، وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْبُطْلَانُ عَلَى مَا إذَا طَالَ كَمَا قَالَ (فَإِنْ طَالَ) عُرْفَا (الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ، لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ بِالْمُعْتَمَدِ بَدَلَ الصَّحِيحِ كَانَ أَوْلَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الذِّكْرُ مُقَدِّمَةَ الْقَبُولِ وَجَبَ أَنْ لَا تَضُرَّ إطَالَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَبُولِ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا هِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ لَا مَا زَادَ، وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الطُّولَ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِقَدْرِ لَوْ كَانَا سَاكِتَيْنِ فِيهِ لِخُرُوجِ الْجَوَابِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا اهـ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ الذِّكْرَ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ كَلَامِ أَجْنَبِيٌّ يُبْطِلُ وَلَوْ يَسِيرًا وَهُوَ الْأَصَحُّ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْخُلْعِ فَإِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا فِيهِ الْيَسِيرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى حَلِّ الْعِصْمَةِ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي عَقْدِهَا. قِيلَ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا صَدَرَ الْكَلَامُ مِنْ الْقَائِلِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الْجَامِعِ، وَاقْتَضَى إيرَادُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ، لَا الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ النُّحَاةِ.

تَتِمَّةٌ: يُسَنُّ لِلْوَلِيِّ عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ كَمَا فَعَلَ شُعَيْبٌ بِمُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعُمَرُ بِعُثْمَانَ ثُمَّ بِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَيُسَنُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالنِّكَاحِ السُّنَّةَ وَالصِّيَانَةَ لِدِينِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَأَنْ يُدْعَى لِلزَّوْجَيْنِ بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبِالْجَمْعِ بِخَيْرٍ فَيُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَفَأْتُ الثَّوْبَ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَأَنْ يُقَدِّمَ الْوَلِيُّ عَلَى الْعَقْدِ أُزَوِّجُكَ هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَلَوْ شَرَطَهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يُبْطِلْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمَوْعِظَةُ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ. وَيُسَنُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>