وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ.
ــ
[مغني المحتاج]
اشْتِرَاطَ التَّخَاطُبِ لَكِنْ قَالَا: لَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ لِلْوَلِيِّ: زَوَّجْتَ ابْنَتَكَ فُلَانًا فَقَالَ: زَوَّجْتُهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ: قَبِلْتَ نِكَاحَهَا فَقَالَ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا انْعَقَدَ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مُرْتَبِطَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا نَعَمْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُهَا لِفُلَانٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَوَّجْتُهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخِي، وَهَذَا اللَّفْظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ فَقَطْ. وَأَمَّا الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا صَرَّحَ الزَّوْجُ بِهِ فِي لَفْظِهِ فَيَقُولُ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَهَذَا حِيلَةٌ فِيمَنْ لَمْ يُزَوِّجْهَا وَلِيُّهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْقَبُولَ فِيهِ مُنَزَّلٌ عَلَى الْإِيجَابِ فَإِنَّ الثَّمَنَ رُكْنٌ فِيهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ بِلَا صَدَاقٍ، بَلْ مَعَ نَفْيِهِ، وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْجُزْءِ مِنْ الْمَنْكُوحَةِ كَزَوَّجْتُكَ نِصْفَ ابْنَتِي، قَالَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَتْ: زَوَّجَكَ اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ كِنَايَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مَا يَقْتَضِي صَرَاحَتَهَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ أَيْضًا إصْرَارُ الْعَاقِدِ وَبَقَاؤُهُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ حَتَّى يُوجَدَ الْقَبُولُ، فَإِنْ أَوْجَبَ الْوَلِيُّ ثُمَّ رَجَعَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ رَجَعَتْ الْآذِنَةُ عَنْ إذْنِهَا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا، أَوْ جُنَّتْ، أَوْ ارْتَدَّتْ امْتَنَعَ الْقَبُولُ وَكَوْنُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الْإِيجَابِ أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ: لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةً مِنْ رَضَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهـ.
وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ عَلَى لَفْظِ الْوَلِيِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، أَوْ تَزَوَّجْتُ ابْنَتَكَ، أَوْ أُنْكِحْتُهَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: شَمَلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ تَقَدُّمَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ، وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي التَّوْكِيلِ فِي النِّكَاحِ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوَّلًا: قَبِلْتُ نِكَاحَ فُلَانَةَ لِفُلَانٍ، فَقَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ: زَوَّجْتُهَا فُلَانًا جَازَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ (وَلَا يَصِحُّ) عَقْدُ النِّكَاحِ (إلَّا بِلَفْظِ) مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِ (التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) دُونَ لَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهِمَا كَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِخَبَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute