للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نِكَاحُ الشِّغَارِ وَهُوَ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَكَانَ جَائِزًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ رُخْصَةً لِلْمُضْطَرِّ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ، ثُمَّ حُرِّمَ عَامَ خَيْبَرَ، ثُمَّ رُخِّصَ فِيهِ عَامَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حُرِّمَ أَبَدًا، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا حُرِّمَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ حُرِّمَ إلَّا الْمُتْعَةَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ الْمُنْذِرِيِّ: إنَّ الْقِبْلَةَ نُسِخَتْ مَرَّتَيْنِ أَيْضًا، وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَيْضًا حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَذْهَبُ إلَى جَوَازِهَا، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا وَيَرُدُّ تَجْوِيزَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُنْتُ قَدْ أَذِنْتُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَذِهِ النِّسْوَةِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا.»

تَنْبِيهٌ: اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ بُطْلَانِ النِّكَاحِ مَا إذَا نَكَحَهَا مُدَّةَ عُمْرِهِ أَوْ مُدَّةَ عُمْرِهَا. قَالَ: فَإِنَّ النِّكَاحَ الْمُطْلَقَ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ لَا يَضُرُّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. قَالَ: وَفِي نَصِّ الْأُمِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا حَيَاتَكَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى، وَكَذَا لَا يَصِحُّ إذَا أَقَّتَهُ بِمُدَّةٍ لَا تَبْقَى إلَيْهَا الدُّنْيَا غَالِبًا كَمَا قَالَهُ شَيْخِي، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ لَا بِمَعَانِيهَا.

(وَلَا) يَصِحُّ (نِكَاحُ الشِّغَارِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَهُوَ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْمُعْجَمَتَيْنِ، نَحْوُ قَوْلِ الْوَلِيِّ لِلْخَاطِبِ (زَوَّجْتُكَهَا) أَيْ بِنْتِي مَثَلًا (عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيُقْبَلُ) ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْتُ بِنْتَكَ وَزَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى مَا ذَكَرْتُ، وَتَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمِلِ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي، أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي عَنْهُ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ، وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جَعَلَ مَوْرِدَ النِّكَاحِ امْرَأَةً وَصَدَاقًا لِأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقِيلَ: التَّعْلِيقُ وَقِيلَ: الْخُلُوُّ مِنْ الْمَهْرِ، وَعَوَّلَ الْإِمَامُ عَلَى الْخَبَرِ، وَضَعَّفَ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا وَهُوَ أَسْلَمُ. وَسُمِّيَ شِغَارًا، إمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>