للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصَحِّ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْقَهُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ بِرِضَاهُمْ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ، فَلَوْ زَوَّجَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ زَيْدًا وَآخَرُ عَمْرًا،

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ فَلَا يَعْفُوهَا، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِإِمْكَانِهِ بِغَيْرِهِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي الشُّهُودِ إذَا طُلِبَ مِنْ بَعْضِهِمْ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ، وَقَضِيَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ عَاضِلًا فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يُزَوِّجُ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ آخَرَ فِي دَرَجَةِ الْمُمْتَنِعِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ هُنَا بِإِذْنِهِمْ، وَيَنْبَغِي ضَبْطُ مُدَّةُ الْمُرَاجَعَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ.

وَمَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِلرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّ السُّلْطَانَ إنَّمَا يُزَوِّجُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْجَمِيعِ وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ الْعَضْلِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ.

(وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ) مِنْ النَّسَبِ (فِي دَرَجَةٍ) وَرُتْبَةٍ كَإِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ أَعْمَامٍ كَذَلِكَ وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِانْفِرَادِهِ، أَوْ قَالَتْ: أَذِنْت فِي فُلَانٍ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْقَهُهُمْ) بِبَابِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِشَرَائِطِهِ وَبَعْدَهُ أَوْرَعُهُمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ وَأَحْرَصُ عَلَى طَلَبِ الْحَظِّ (وَ) بَعْدَهُ (أَسَنُّهُمْ) لِزِيَادَةِ تَجْرِبَتِهِ (بِرِضَاهُمْ) أَيْ رِضَا الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ لِلْمَصْلَحَةِ لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ وَلَا يَتَشَوَّشُ بَعْضُهُمْ بِاسْتِئْثَارِ بَعْضٍ، فَإِنْ زَوَّجَهَا الْمَفْضُولُ بِرِضَاهَا بِكُفْءٍ صَحَّ وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْبَاقِينَ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَجْتَمِعُوا، وَلَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ وَاحِدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْبَاقُونَ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ لَمْ يُزَوِّجْ غَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَتْ: زَوِّجُونِي اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْأَصَحِّ، أَمَّا أَوْلِيَاءُ الْعِتْقِ فَيَجِبُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ بِوَكَالَةٍ، نَعَمْ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ كَالْأَقَارِبِ (فَإِنْ تَشَاحُّوا) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: أَنَا أُزَوِّجُ وَلَمْ يَرْضَوْا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَاتَّحَدَ الْخَاطِبُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ وُجُوبًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ زَوَّجَ وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ، أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْخَاطِبُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَإِنْ رَضِيَتْ بِالْجَمِيعِ أَمَرَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَصْلَحِ لَهَا مِنْهُمْ أَيْ بَعْدَ تَعْيِينِهِ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْقُضَاةِ عَلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمْ بِتَزْوِيجِهَا فَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُزَوِّجُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الِانْفِرَادِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ فَلْيُبَادِرْ إلَى التَّصَرُّفِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ، وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّ الَّذِي يُقْرِعُ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ هُوَ السُّلْطَانُ. وَقَالَ ابْنُ دَاوُد: يُنْدَبُ أَنْ يُقْرِعَ السُّلْطَانُ، فَإِنْ أَقْرَعَ غَيْرُهُ جَازَ وَهَذَا أَوْجَهُ (فَلَوْ زَوَّجَ) هَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ (غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَنْ يُزَوِّجَهَا (صَحَّ) تَزْوِيجُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْإِذْنِ فِيهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِيَكُونَ لِلْقُرْعَةِ فَائِدَةٌ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ لَا سَلْبُ الْوِلَايَةِ عَمَّنْ لَمْ تَخْرُجْ لَهُ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لِأَحَدِهِمْ مَا لَوْ بَادَرَ أَحَدُهُمْ وَزَوَّجَ مَعَ التَّنَازُعِ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَطْعًا بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُمَيِّزُ حَقَّ الْوِلَايَةِ بِغَيْرِهِ، وَبِقَوْلِهِ: وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ فَزَوَّجَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) أَذِنَتْ لَهُمْ فِي التَّزْوِيجِ وَ (زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ (زَيْدًا) وَهُوَ كُفْءٌ (وَآخَرُ عَمْرًا) كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>