للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ، وَتَحْلِيفُهَا لَهُ يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو إنْ قُلْنَا نَعَمْ، فَنَعَمْ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءِ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ قَالَ بِهِ الْقَفَّالُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينٌ وَإِنْ رَضِيَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَبِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ فَهَلْ لِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا لِتَمَيُّزِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ، وَجْهَانِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرْجِيحِ مَا مَرَّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ وَلَا تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ، فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي وَأَجْرَى هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا، وَإِذَا حَلَفَتْ لَهُمَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ، وَفِي بَقَاءِ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ كَمَا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ كَغَيْرِهِ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ النِّكَاحَيْنِ، وَثَانِيهِمَا: نَعَمْ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي جَرَيَانَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا، وَالْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخِي أَوْجَهُ، فَإِنْ رَدَّتْ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ فَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَقِيَ الْإِشْكَالُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيِّ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ.

وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَ نِكَاحُهُ، وَيَحْلِفَانِ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ (وَ) عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا (إنْ أَقَرَّتْ) بِالسَّبْقِ (لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ) مِنْهَا بِإِقْرَارِهَا، وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْخَرْسَاءِ وَشَبَهِهَا بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ بِسَبْقِ نِكَاحِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَالْحَالُ حَالُ الْإِشْكَالِ (وَ) أَمَّا (سَمَاعُ دَعْوَى) الزَّوْجِ (الْآخَرِ) عَلَيْهَا (وَتَحْلِيفُهَا لَهُ) فَإِنَّهُ (يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ) السَّابِقَيْنِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ (فِيمَنْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ (قَالَ) فِي إقْرَارِهِ (هَذَا) الْمَالُ (لِزَيْدٍ) لَا (بَلْ) هُوَ (لِعَمْرٍو، هَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو) وَهُوَ مَنْ وَضَعَ الْمُظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ (إنْ قُلْنَا نَعَمْ) أَيْ يَغْرَمُ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ هُنَاكَ (فَنَعَمْ) أَيْ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَلَهُ التَّحْلِيفُ رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ فَيُغَرِّمُهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزَّوْجِيَّةُ، فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا غُرْمَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا فَهُوَ لَغْوٌ. فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهَا لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَسْبِقْ نِكَاحَك إقْرَارٌ مِنْهَا لِلْآخَرِ إنْ اعْتَرَفَتْ قَبْلَهُ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَا مَعًا، فَلَا تَكُونُ مُقِرَّةً بِسَبْقِ الْعَقْدِ الْآخَرِ. ثَانِيهُمَا: إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلسَّبْقِ وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ وَادَّعَيَا عَلَيْهَا الزَّوْجِيَّةَ وَفَصَّلَا الْقَدْرَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ لَزِمَهَا الْحَلِفُ الْجَازِمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ تَحْلِفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ، وَلَا يَكْفِيهَا الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ، وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ سَبْقَهُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ يُجَوِّزُ لَهَا الْحَلِفَ الْجَازِمَ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي تَوَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>