فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ.
وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ، فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَإِنْ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يُفِدْهُ ذَلِكَ جَوَازَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَإِقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلِيُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِنْشَاءِ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ يَفُوتُ مَالًا، وَإِقْرَارَهَا يُحَصِّلَهُ، وَإِذَا كَانَ كَثِيرَ الطَّلَاقِ شَرَى جَارِيَةً لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ؛ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهَا أُبْدِلَتْ، وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ مُرَادًا، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَالثَّانِي: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْرِي ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ) أَيْ لِلسَّفِيهِ (وَلِيُّهُ) أَيْ النِّكَاحَ (اُشْتُرِطَ إذْنُهُ) أَيْ السَّفِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ. وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا، فَإِذَا عَرَفَ حَاجَتَهُ زَوَّجَهُ كَمَا يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ (وَ) إنَّمَا (يَقْبَلُ) لَهُ الْوَلِيُّ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَلِيقُ بِهِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ لِتَبَرُّعِهِ بِهَا (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ.
(وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ، أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (فَبَاطِلٌ) كَمَا لَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ فِي الْمَفَازَةِ لَا تَجِدُ وَلِيًّا (فَإِنْ) قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ، وَ (وَطِئَ) فِيهِ رَشِيدَةً (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَمَّا الْحَدُّ فَبِلَا خِلَافٍ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَعَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا لِتَفْرِيطِهَا بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ، فَلَوْ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ، وَخَرَجَ بِرَشِيدَةٍ الَّتِي قَدَّرْتُهَا فِي كَلَامِهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا، كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ، وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنِّي لَمْ أَرَ هَذَا التَّقْيِيدَ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَحْسَبُهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ، فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute