وَأُمَّهَاتُ زَوْجَتِك مِنْهُمَا وَكَذَا بَنَاتُهَا إنْ دَخَلْتَ بِهَا، وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِمِلْكٍ حَرُمَ عَلَيْهِ
ــ
[مغني المحتاج]
{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] [النِّسَاء] فَكَيْفَ حُرِّمَتْ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَنْطُوقٌ، وَقَدْ عَارَضَهُ هُنَا مَنْطُوقُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» .
فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ فِي الْآيَةِ حِينَئِذٍ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ إخْرَاجُ حَلِيلَةِ الْمُتَبَنِّي فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْءِ زَوْجَةُ مَنْ تَبَنَّاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنٍ لَهُ حَقِيقَةً (وَأُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، سَوَاءٌ أَدَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] [النِّسَاء] (وَكَذَا بَنَاتُهَا) بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْتَ بِهَا) فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] [النِّسَاء] وَذِكْرُ الْحُجُورِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أُعِيدَ الْوَصْفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُعَدْ إلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَهِيَ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] [النِّسَاء] مَعَ أَنَّ الصِّفَاتِ عَقِبَ الْجُمَلِ تَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ نِسَائِكُمْ الثَّانِي مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَنِسَائِكُمْ الْأَوَّلَ مَجْرُورٌ بِالْمُضَافِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ لَمْ يَجُزْ الْإِتْبَاعُ وَتَعَيَّنَ الْقَطْعُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَعْمُولَ الْجَرُّ وَهُوَ أَحَدٌ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَعْتَبِرَ فِي الدُّخُولِ أَنْ يَقَعَ فِي حَيَاةِ الْأُمِّ، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَوَطِئَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الرُّويَانِيُّ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَعْتَبِرُوا الدُّخُولَ فِي تَحْرِيمِ أُصُولِ الْبِنْتِ وَاعْتَبَرُوا فِي تَحْرِيمِهَا الدُّخُولَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحُرِّمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا، وَتَقْيِيدُ التَّحْرِيمِ بِالدُّخُولِ يُفْهِمُ تَحْرِيمَ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ بِشَرْطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلُّ الْمَنْكُوحَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ حَرُمَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ كَالرَّبِيبَةِ، وَمَنْ حَرُمَ بِالْعَقْدِ وَهِيَ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ، نَعَمْ لَوْ وُطِئَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ حَرُمَ بِالْوَطْءِ فِيهِ لَا بِالْعَقْدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ بِاسْتِدْخَالِ أُمِّهَا مَاءَ الزَّوْجِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ إذْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْجَزْمُ بِأَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ يُثْبِتُ الْمُصَاهَرَةَ إذَا كَانَ مُحْتَرَمًا بِأَنْ كَانَ مَاءَ زَوْجِهَا وَمُقْتَضَاهُ تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا حِلُّ الْبِنْتِ الْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِالْمُلَاعَنَةِ لِأَنَّهَا بِنْتُ زَوْجَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا بِنْتًا لَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا، لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ تَحْرِيمِ بِنْتِ زَوْجِ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ أَوْ أُمِّهِ، وَعَدَمُ تَحْرِيمِ أُمِّ زَوْجَةِ الْأَبِ، أَوْ الِابْنِ أَوْ بِنْتِهَا، أَوْ زَوْجَةِ الرَّبِيبِ، أَوْ الرَّابِّ لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ (وَ) كُلُّ (مَنْ وَطِئَ) فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ وَاضِحٌ (امْرَأَةً بِمِلْكٍ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ أَمْ لَا (حَرُمَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute