فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى كَبَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ لَا حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ، وَكَذَا رَهْنٌ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ عَكَسَ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا.
وَلِلْعَبْدِ امْرَأَتَانِ.
وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْوَطْءِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ (فَإِنْ وَطِئَ) طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا (وَاحِدَةً) مِنْهُمَا وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً (حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) بِمُحَرِّمٍ (كَبَيْعٍ) وَعِتْقٍ لِكُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ تَزْوِيجِهَا (أَوْ كِتَابَةٍ) صَحِيحَةٍ لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُولَى أَثِمَ وَلَمْ تَحْرُمْ الْأُولَى إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا يَجْمَعَ الْمَاءَ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ (لَا حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ) وَرِدَّةٍ فَإِنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ (وَكَذَا رَهْنٌ) مَقْبُوضٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْوَطْءَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَالثَّانِي: يَكْفِي الرَّهْنُ كَالتَّزْوِيجِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ لَمْ تَحِلَّ الثَّانِيَةُ جَزْمًا، فَلَوْ عَادَ الْحِلُّ بِرَدِّ الْمَبِيعَةِ وَطَلَاقِ الْمَنْكُوحَةِ وَعَجْزِ الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ الثَّانِيَةَ بَعْدُ فَلَهُ الْآنَ وَطْءُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا لَمْ يَطَأْ الْعَائِدَ حَتَّى تَحْرُمَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْأُولَى
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَاحَةً عَلَى انْفِرَادِهَا، فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَحْرَمٍ فَوَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى. نَعَمْ لَوْ مَلَكَ أُمًّا وَبِنْتَهَا فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى مُؤَبَّدًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ بَاعَ الْمَوْطُوءَةَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. قَالَ الشَّيْخَانِ: فَحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى، وَحَيْثُ لَا فَوَجْهَانِ: وَقَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِالْحِلِّ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ مَلَكَ شَخْصٌ أَمَةً وَخُنْثَى أَخَوَيْنِ فَوَطِئَهُ جَازَ لَهُ عَقِبَهُ وَطْءُ الْأَمَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ فَادَّعَيَا أَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةً بِالرَّضَاعِ، فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعْتَمِدَهُمَا، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ الْأَمَةُ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ التَّمْكِينِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الرَّضَاعِ، وَقِيَاسُ الزَّوْجَةِ فِي دَعْوَاهَا ذَلِكَ أَنَّهَا تُقْبَلُ (وَلَوْ مَلَكَهَا) أَيْ الْأَمَةَ وَطِئَهَا أَمْ لَا (ثُمَّ نَكَحَ) مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَأَنْ نَكَحَ (أُخْتَهَا) الْحُرَّةَ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَلَكَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا كَأَنْ مَلَكَ أُخْتَهَا (حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (دُونَهَا) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَغَيْرُهَا بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَلَا يُجَامِعُ النِّكَاحُ حِلَّهَا لِغَيْرِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَلَا يَنْدَفِعُ الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ.
(وَ) يَحِلُّ (لِلْعَبْدِ امْرَأَتَانِ) فَقَطْ لِأَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عُيَيْنَةَ نَقَلَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ فِيهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْفَضَائِلِ فَلَمْ يَلْحَقْ الْعَبْدُ فِيهِ بِالْحُرِّ كَمَا لَمْ يَلْحَقْ الْحُرُّ بِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ، وَالْمُبَعَّضُ كَالْقِنِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
(وَ) يَحِلُّ (لِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] [النِّسَاء] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute