وَصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَكَوْنِهِ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لَا طِفْلًا عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ، وَلَوْ نَكَحَ بِشَرْطِ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَطَلَ،
ــ
[مغني المحتاج]
كَالطِّفْلِ، فَمَا قِيلَ: إنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (وَ) لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ (صِحَّةِ النِّكَاحِ) فَلَا يُحَلَّلُ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا مِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا وَطْءِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ لَا يَحْنَثُ بِمَا ذَكَرَ (وَكَوْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ، لَا طِفْلًا) لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَتَأَتَّى مِنْهُ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالْإِجْبَارِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ) وَفِي وَجْهِ قَوْلٍ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِخِلَافِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِلَا انْتِشَارٍ لِشَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ صُورَةِ الْوَطْءِ وَأَحْكَامِهِ، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيَكْفِي الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَتَنَاوَلُهُ، وَفِي وَجْهٍ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ يُحَلِّلُ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ تَنْفِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠] [الْبَقَرَة] أَيْ الثَّالِثَةَ: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] [الْبَقَرَةَ] مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ: اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ، وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: لَا طِفْلًا قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجَةِ ذَلِكَ، بَلْ وَطْؤُهَا مُحَلِّلٌ وَإِنْ كَانَتْ طِفْلَةً لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ فِي الذَّخَائِرِ بِالْمَنْعِ كَالطِّفْلِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ، وَالْمَعْنَى يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّنْفِيرُ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ غَيْبُوبَةِ حَشَفَةِ الطِّفْلِ، وَيَكْفِي وَطْءُ مُحْرِمٍ بِنُسُكٍ وَخَصِيٍّ وَلَوْ كَانَ صَائِمًا أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُظَاهَرًا مِنْهَا أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلَّلِ أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَا يَكْفِي جِمَاعُ رَجْعِيَّةٍ وَإِنْ رَاجَعَهَا، وَلَا مُعْتَدَّةٍ لِرِدَّةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ، وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ ثُمَّ ارْتَدَّتْ ثُمَّ وَطِئَهَا، فَهَذَا الْوَطْءُ لَا يُحَلِّلُ لِوُجُودِهِ فِي حَالِ ضَعْفِ النِّكَاحِ. وَيُشْتَرَطُ فِي تَحْلِيلِ الْبِكْرِ الِافْتِضَاضُ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ. وَحَكَى عَنْ النَّصِّ وَإِنْ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ، وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ لِمُسْلِمٍ بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ فِي نِكَاحٍ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرَافُعِهِمْ إلَيْنَا (وَلَوْ نَكَحَ) الزَّوْجُ الثَّانِي (بِشَرْطِ) أَنَّهُ (إذَا وَطِئَ طَلَّقَ) هَا قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ بَانَتْ) مِنْهُ (أَوْ فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا وَشَرَطَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَمْنَعُ دَوَامَ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ التَّأْقِيتَ، فَإِنْ تَوَاطَأَ الْعَاقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَقَدَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ بِلَا شَرْطٍ كُرِهَ خُرُوجًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute