للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ دَامَ نِكَاحُهُ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ فَتَخَلَّفَتْ قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ، أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ إسْلَامِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَأَصَرَّ فَكَعَكْسِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ الْمُشْرِكَ وَالْكِتَابِيَّ كَمَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ إنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ اخْتَلَفَ مَدْلُولُهُمَا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا تَنَاوَلَ الْآخَرَ اهـ.

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُطْلَقُ عَلَى الْكِتَابِيِّ مُشْرِكٌ وَهُوَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَكِنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَأَنَّهُ يَعْبُدُ مَنْ لَمْ يَبْعَثْهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَمِنْ الْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: (أَسْلَمَ) كَافِرٌ (كِتَابِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ) كَمَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ (وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ) حُرَّةٌ أَوْ ثِنْتَانِ فِي عَبْدٍ أَوْ أَرْبَعٌ فِي حُرٍّ يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ (دَامَ نِكَاحُهُ) بِالْإِجْمَاعِ لِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لِمَنْ ذُكِرَ (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (وَثَنِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ) أَوْ كِتَابِيَّةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْكَافِرَاتِ الَّتِي لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ نِكَاحُهَا (فَتَخَلَّفَتْ قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا، وَاسْتَدْخَلَ مَنِيَّ مُحْتَرَمٍ (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ غَيْرُ مُتَأَكَّدٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَبِينُ بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ دُخُولٍ بِهَا، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا مَرَّ (وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ تَبَعًا (دَامَ نِكَاحُهُ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «أَنَّ امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي كُنْتُ أَسْلَمْتُ وَعَلِمْت بِإِسْلَامِي فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» (وَإِلَّا) بِأَنْ أَصَرَّتْ إلَى انْقِضَائِهَا (فَالْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (إسْلَامِهِ) أَمَّا الْأَمَةُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (وَلَوْ أَسْلَمَتْ) زَوْجَتُهُ (وَأَصَرَّ) الزَّوْجُ عَلَى كُفْرِهِ (فَكَعَكْسِهِ) هُوَ مَا لَوْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ هِيَ، وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ قَبْلَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهَا بِنَحْوِ شَهْرٍ، وَاسْتَقَرُّوا عَلَى النِّكَاحِ، قَالَ: وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>