وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ فَلَا نِكَاحَ فَيُقَرُّ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَفِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَمُؤَقَّتٍ، إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ،
ــ
[مغني المحتاج]
ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيِّ، فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَانْقِطَاعَهُ فَلَا تَقْرِيرَ بَلْ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِالِاسْتِمْرَارِ مَعَ اقْتِرَانِ الْمُفْسِدِ بِالْعَقْدِ تَخْفِيفًا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ) الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ بِحَيْثُ تَكُونُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ الْآنَ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ بَيْنُونَةٍ ثَلَاثًا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ زَالَ عِنْدَهُ وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ كَمَا مَرَّ (فَلَا نِكَاحَ) يَدُومُ بَيْنَهُمَا، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ الطَّارِئَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي رَضَاعٍ أَوْ جِمَاعٍ رَافِعَيْنِ لِلنِّكَاحِ. ثُمَّ فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُفْسِدِ الزَّائِلِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: (فَيُقَرُّ) تَخْفِيفًا (فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَ) لَا (شُهُودٍ) وَبِلَا إذْنِ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ، وَالْوَلِيُّ غَيْرُ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، إذْ لَا مُفْسِدَ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَنِكَاحُهَا الْآنَ جَائِزٌ (وَ) يُقَرُّ أَيْضًا فِي نِكَاحٍ وَقَعَ (فِي عِدَّةٍ) لِلْغَيْرِ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ، وَ (هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا، وَخَرَجَ بِالْمُنْقَضِيَةِ مَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَوْ رَاجَعَهَا فِي الْقُرْءِ الرَّابِعِ وَاعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا أُقِرَّ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ (وَ) عَلَى نِكَاحٍ (مُؤَقَّتٍ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا، وَهَذَا كَاعْتِقَادِنَا مُؤَقَّتَ الطَّلَاقِ مُؤَبَّدًا. أَمَّا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا فَلَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ حَمْلًا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَأْبِيدَهُ، وَسَوَاءٌ أَسْلَمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ أَمْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ قَبْلَ الْمُدَّةِ يَعْتَقِدُونَهُ مُؤَقَّتًا، وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ، وَبَعْدَهَا لَا نِكَاحَ فِي اعْتِقَادِهِمْ، وَلَوْ غَصَبَ كَافِرٌ غَيْرُ ذِمِّيٍّ امْرَأَةً كَافِرَةً غَيْرَ ذِمِّيَّةٍ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا أُقِرَّ إقَامَةً لِلْفِعْلِ مَقَامَ الْقَوْلِ، وَإِنْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً وَاِتَّخَذَهَا زَوْجَةً فَإِنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ وَإِنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوْ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا أَنَّهُ يُقَرُّ فِي الثَّانِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ دُونَ الْأُولَى، وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا عَكْسَ، وَكَالْغَصْبِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُطَاوَعَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ (وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ) بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ وَقَعَتْ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ كَأَنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ فَوُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ زَمَنَ التَّوَقُّفِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ لَا تَقْطَعُ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ، فَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ. أَمَّا الشُّبْهَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْعَقْدِ كَأَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ ثُمَّ <m s= ٢٠٧٤٤١> أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا يُقَرُّ النِّكَاحُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَائِمٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الرَّقْمِ أَنَّهُ يُقَرُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَمْنَعُ الدَّوَامَ مَعَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ عِدَّةِ النِّكَاحِ. قَالَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْفَرْقِ، وَأَطْلَقُوا اعْتِبَارَ التَّقْرِيرِ بِالِابْتِدَاءِ اهـ.
أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالنِّكَاحِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute