للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفَقَتُهُنَّ حَتَّى يَخْتَارَ، فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ فِي النِّكَاحِ حُبِسَ.

فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ، وَذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَذَاتُ أَقْرَاءٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

قَبْلَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: (وَ) عَلَيْهِ (نَفَقَتُهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ أَيْضًا. وَالثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهِنَّ (حَتَّى يَخْتَارَ) مِنْ الْخَمْسِ أَرْبَعًا. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: فَأَقَلُّ أَيْ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِحُكْمِ النِّكَاحِ (فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ حُبِسَ) لِأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ وَاجِبٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ، فَإِنْ سَأَلَ الِانْتِظَارَ فِي الِاخْتِيَارِ لِيَتَفَكَّرَ فِي الْأَحَظِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ: أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَزِيدُ. وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِإِمْهَالِهِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَوِّي شَرْعًا. أَمَّا النَّفَقَةُ فَلَا يُمْهَلُ بِهَا لِتَضَرُّرِهِنَّ بِتَرْكِهَا، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْحَبْسِ وَلَمْ يُفِدْهُ عُزِّرَ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَامْتَنَعَ وَأَصَرَّ وَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ الْحَبْسُ وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَضُمَّ إلَى الْحَبْسِ التَّعْزِيرَ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَيُعَزَّرُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا حَتَّى يَخْتَارَ بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ فِيهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يُفْضِيَ ذَلِكَ إلَى هَلَاكِهِ، وَلَوْ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ رَجَعْتُ عَمَّا اخْتَرْت لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَا يَخْتَارُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمُمْتَنِعِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا امْتَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ طَلَّقَ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ وَلَا يَدْرِي الْقَاضِي إلَى أَيَّتِهِنَّ أَمْيَلُ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الِاخْتِيَارِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: الْأَصْحَابُ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ غَيْلَانَ حَامِلِينَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَفْهَمُهُ مِنْهُ إنْ أَمْسَكَ لِلْإِبَاحَةِ وَفَارَقَ لِلْوُجُوبِ لِحَقِّهِنَّ فِي رَفْعِ الْحَبْسِ عَنْهُنَّ، وَلِرَفْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَشَرَةِ، فَإِنَّ الْحَرَامَ الْوَاجِبَ ضِدُّهُ وَالسُّكُوتُ مَعَ الْكَفِّ عَنْ الْكُلِّ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إلَّا إذَا طَلَبْنَ إزَالَةَ الْحَبْسِ فَيَجِبُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ، فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا لِلْإِبَاحَةِ لَا يُنَازِعُ فِيهِ أَحَدٌ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ، وَقَوْلُهُ: إنَّ السُّكُوتَ مَعَ الْكَفِّ لَا مَحْذُورَ فِيهِ مَوْضِعُ تَوَقُّفٍ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مَعَ الْكَفِّ يَلْزَمُ مِنْهُ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ اهـ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ.

(فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الِاخْتِيَارِ (اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ بِوَضْعِهِ تَنْقَضِي عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْفِرَاقِ (وَ) اعْتَدَّتْ (ذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ) احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الزَّوْجِيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُنَّ (وَذَاتُ أَقْرَاءٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ) الَّذِي بَقِيَ مِنْ (الْأَقْرَاءِ وَ) مِنْ (أَرْبَعَةٍ) مِنْ أَشْهُرٍ (وَعَشْرٍ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، أَوْ مُفَارَقَةً فِي الْحَيَاةِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ لِتَحِلَّ لِلْأَزْوَاجِ بِيَقِينٍ، فَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ إنْ مَضَتْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَكْمَلَتْهَا وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَوْتِ، وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ وَالْعَشْرُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ أَتَمَّتْ الْأَقْرَاءَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>