وَلَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ تَخَيَّرَتْ إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ، أَوْ بِهَا تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ.
وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ، وَكَذَا بِمُقَارِنِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ، وَيَتَخَيَّرُ بِمُقَارِنِ جُنُونٍ، وَكَذَا جُذَامٌ وَبَرَصٌ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
فِي عُيُوبِ الرَّجُلِ كَوْنَهُ مُشْعِرَ الْإِحْلِيلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِهِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ خَشِنَةَ الْمَدْخَلِ بِحَيْثُ يَتَأَذَّى الْمُدْخِلُ.
(وَلَوْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ (عَيْبٌ) كَأَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ (تَخَيَّرَتْ) قَبْلَ الدُّخُولِ جَزْمًا، وَبَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهَا كَالْمُقَارِنِ مَعَ أَنَّهُ لَا خَلَاصَ لَهَا إلَّا بِالْفَسْخِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الْإِطْلَاقُ مَا لَوْ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا عَيَّبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ . .
أُجِيبَ بِأَنَّهَا بِالْجَبِّ لَا تَصِيرُ قَابِضَةً لِحَقِّهَا، فَهِيَ كَالْمُسْتَأْجِرِ إذَا عَيَّبَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ، وَالْمُشْتَرِي بِالتَّعْيِيبِ قَابِضٌ لِحَقِّهِ (إلَّا عُنَّةً) حَدَثَتْ (بَعْدَ دُخُولٍ) لِحُصُولِ مَقْصُودِ النِّكَاحِ مِنْ الْمَهْرِ وَثُبُوتِ الْحَضَانَةِ، وَقَدْ عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: الْجَبُّ كَذَلِكَ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْجَبَّ حَصَلَ بِهِ الْيَأْسُ بِخِلَافِ الْعُنَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: الْوَطْءُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ دَائِمًا لَا خِيَارَ لَهَا وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فَلَهُ أَنْ يَطَأَ بَعْضَهُنَّ وَيَتْرُكَ بَعْضَهُنَّ، فَقَوْلُهُمْ: إنَّهَا اسْتَوْفَتْ حَقَّهَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا حَقًّا فِي ذَلِكَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا دَامَتْ مُتَرَجِّيَةً لِلْوَطْءِ فَإِنَّ دَاعِيَةَ الزَّوْجِ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا أَيِسَتْ مِنْهُ أَثْبَتُوا لَهَا الْخِيَارَ لِتَضَرُّرِهَا (أَوْ) حَدَثَ (بِهَا) عَيْبٌ (تَخَيَّرَ) الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ (فِي الْجَدِيدِ) كَمَا لَوْ حَدَثَ بِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا، وَرُدَّ بِتَضَرُّرِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَبْعُدُ عَلَى الْجَدِيدِ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ الرَّتَقِ وَالْقَرَنِ بَعْدَ الْوَطْءِ كَحُدُوثِ الْجَبِّ فِي الْخِلَافِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي النَّفَقَاتِ.
فَرْعٌ: لَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ فَرَضِيَتْ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا رَتَقٌ أَوْ قَرَنٌ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ.
(وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَسَيِّدٍ (بِحَادِثٍ) مِنْ الْعَيْبِ بِالزَّوْجِ، إذْ لَا عَارَ عَلَيْهِ فِي الْعُرْفِ بِخِلَافِهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلِهَذَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَرَضِيَتْ بِهِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مِنْ نِكَاحِ الرَّقِيقِ (وَكَذَا بِمُقَارِنِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ) لِلْعَقْدِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالضَّرَرِ وَلَا عَارَ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: الْعُنَّةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَكَيْفَ صُورَتُهَا؟ .
أُجِيبَ بِتَصْوِيرِهِ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَعَرَفَ الْوَلِيُّ عُنَّتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ قَدْ يُعَنُّ فِي نِكَاحٍ دُونَ نِكَاحٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ (وَيَتَخَيَّرُ) الْوَلِيُّ (بِمُقَارِنِ جُنُونٍ) لِلزَّوْجِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ لِتُعَيِّرَهُ بِذَلِكَ (وَكَذَا جُذَامٌ وَبَرَصٌ) مُقَارِنَانِ يَتَخَيَّرُ الْوَلِيُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعَارِ وَخَوْفِ الْعَدْوَى لِلنَّسْلِ،