فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَتْ فَإِنْ حَلَفَتْ أَوْ أَقَرَّ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ، وَقِيلَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي أَوْ فَسْخِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَوْدَ الْبَكَارَةِ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِنَّ: أَصَبْتهَا وَلَمْ أُبَالِغْ فَعَادَتْ بَكَارَتُهَا وَطَلَبَ يَمِينَهَا حَلَفَتْ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ هُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مُسْتَثْنَاةٍ مِمَّا إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِصَابَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّافِي أَخْذًا بِالْأَصْلِ. الْمَوْضِعُ الثَّانِي الْمُولِي، وَهُوَ كَالْعِنِّينِ فِي أَكْثَرِ مَا ذُكِرَ، وَإِذَا طَلَّقَ عِنِّينٌ أَوْ مُولٍ قَبْلَ الْوَطْءِ زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ حَلَفَا عَلَى الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهُمَا رَجْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا فِي إنْكَارِهَا الْوَطْءَ لِدَفْعِ رَجْعَتِهَا وَإِنْ صُدِّقَ الْأَوَّلُ لِدَفْعِ الْعُنَّةِ، وَالثَّانِي لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِ الشَّخْصِ لِلدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ تَصْدِيقُهُ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إذْ الْيَمِينُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ، وَنَظَرُوا ذَلِكَ بِمَسْأَلَتَيْنِ:
الْأُولَى: إذَا صَدَّقْنَا الْوَدِيعَ فِي تَلَفِ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةٌ وَغَرَّمَهُ مُسْتَحِقُّهَا بَدَلَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُودِعِ إنْ حَلَفَ الْمُودِعُ أَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ فَيَمِينُ الْوَدِيعِ دَافِعَةٌ عَنْهُ الْغُرْمَ غَيْرُ مُثْبِتَةٍ لَهُ الرُّجُوعَ.
الثَّانِيَةُ: دَارٌ فِي يَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هِيَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ صُدِّقَ الْآخَرُ بِيَمِينِهِ، فَإِذَا بَاعَ مُدَّعِي الْكُلِّ نَصِيبَهُ مِنْ ثَالِثٍ لَيْسَ لِلْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ رَفَعَتْ الْأَخْذَ مِنْهُ فَلَا تَكُونُ مُثْبِتَةً لَهُ حَقًّا.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: مُطَلَّقَةٌ ادَّعَتْ الْوَطْءَ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِتَسْتَوْفِيَ الْمَهْرَ وَأَنْكَرَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَانٍ يَلْحَقُهُ ظَاهِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ لَمْ يَنْفِهِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهَا بِالْوَلَدِ، كَذَا نَقَلَاهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ، وَأَوْرَدَ عَلَى حَصْرِهِمَا مَسَائِلَ:
الْأُولَى: إذَا ادَّعَتْ الْبَكَارَةَ الْمَشْرُوطَةَ وَأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْئِهِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الْمُحَلِّلِ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَنْكَرَ الْمُحَلِّلُ الْوَطْءَ، فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِتَغْرِيمِ مَهْرِهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَيِّنَةُ الْوَطْءِ مُتَعَذِّرَةٌ.
الثَّالِثَةُ: إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ ادَّعَى وَطْأَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ لِيَدْفَعَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ.
الرَّابِعَةُ: إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ فَهُوَ فِي الْمُصَدَّقِ لِمَا ذُكِرَ، وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا (فَإِنْ حَلَفَتْ) عَلَى ذَلِكَ (أَوْ أَقَرَّ) هُوَ بِذَلِكَ (اسْتَقَلَّتْ) هِيَ (بِالْفَسْخِ) كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ مَنْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، لَكِنْ إنَّمَا تَفْسَخُ بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي لَهَا: ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ فَاخْتَارِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. نَعَمْ قَوْلُهُ فَاخْتَارِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ بَادَرَتْ وَفَسَخَتْ قَبْلَهُ نَفَذَ فَسْخُهَا، وَيُؤَيِّدُهُ حَذْفُ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَقِيلَ: يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لَهَا بِالْفَسْخِ (أَوْ) إلَى (فَسْخِهِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَيَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْذَنُ فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَا هَذَا فِي