للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ، وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا مَعَ مَهْرٍ، لَا قِيمَةَ وَلَدٍ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا، وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا فَكَذَلِكَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضِ رَقِيقٌ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرِّيَّتِهِ فِي ذِمَّةِ مَنْ ذُكِرَ، إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي انْعِقَادِهِ حُرًّا، وَيُطَالَبُ الْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَبِالْبَعْضِ الْآخَرِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ.

وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ أَكْرَهَهَا الرَّقِيقُ عَلَى الْوَطْءِ فَفِي رَقَبَتِهِ كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَكَذَلِكَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ أَمَةُ الِابْنِ (مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ، فَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِلِابْنِ فَهَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَرَجَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ، وَقَطَعَ الْهَرَوِيُّ بِالثَّانِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ) مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ الْحُرِّ الْكُلِّ وَلَوْ مُعْسِرًا لِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ، أَوْ مُدَبَّرَةً، أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهَا بِصِفَةٍ، أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْوَلَدِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مُوَافِقًا لِلْأَبِ فِي دِينِهِ أَوْ لَا، وَإِذَا أَوْلَدَ أَمَةَ وَلَدِهِ الْمُزَوَّجَةَ نَفَذَ إيلَادُهُ كَإِيلَادِ السَّيِّدِ لَهَا وَحَرُمَتْ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْحَمْلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ حُرَّ الْكُلِّ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ، وَالْمُكَاتَبَ إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَأَمَةُ وَلَدِهِ أَوْلَى.

وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ قَالَ شَيْخُنَا فَكَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ الْكِتَابِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي أَمَةِ وَلَدِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ. وَأَمَّا أَمَتُهُ فَمِلْكُهُ تَامٌّ عَلَيْهَا (وَ) إذَا صَارَتْ أَمَةُ الْوَلَدِ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ فَالْأَظْهَرُ (أَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ (قِيمَتَهَا) لِلِابْنِ (مَعَ مَهْرٍ) لِأَنَّهُمَا وَجَبَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَالْمَهْرُ لِلْإِيلَاجِ، وَالْقِيمَةُ لِلِاسْتِيلَادِ.

تَنْبِيهٌ: قِيمَتُهَا لَازِمَةٌ لَهُ سَوَاءٌ أَنْزَلَ قَبْلَ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَمْ بَعْدَهُ لِمَا ذُكِرَ. وَأَمَّا الْمَهْرُ فَمَحَلُّ وُجُوبِهِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَأَقَرَّاهُ إذَا تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ، فَإِنْ حَصَلَ مَعَ تَغْيِيبِهَا فَقَدْ اقْتَرَنَ مُوجِبُ الْمَهْرِ بِالْعُلُوقِ فَيُنَزَّلُ الْمَهْرُ مَنْزِلَةَ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لَا تَلْزَمُ الْأَبَ كَمَا قَالَ (لَا قِيمَةَ وَلَدٍ) فَلَيْسَتْ عَلَى الْأَبِ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَتَهَا وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا، وَقَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَلَمْ تَعْلَقْ بِهِ إلَّا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ. وَالثَّانِي: تَجِبُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بَعْدَ الْعُلُوقِ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا فَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ جَزْمًا، نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْمَغْرُورِ.

تَنْبِيهٌ: وَطْءُ الِابْنِ جَارِيَةَ الْأَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>