للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ بَادَرَتْ فَمَكَّنَتْ طَالَبَتْهُ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسَلِّمَ، وَإِنْ وَطِئَ فَلَا.

وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ فَلْتُمَكِّنْ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ اسْتَرَدَّ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُجْبَرُ.

وَلَوْ اُسْتُمْهِلَتْ لِتَنَظُّفٍ وَنَحْوِهِ أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ، وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْعٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا بِقَوْلِهَا: إذَا سَلَّمَ الْمَهْرَ مَكَّنْت. لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُمَكِّنَةٌ.

(وَلَوْ بَادَرَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (فَمَكَّنَتْ) أَيْ الزَّوْجَ (طَالَبَتْهُ) بِالْمَهْرِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّهَا بَذَلَتْ مَا فِي وُسْعِهَا، وَلَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ امْتَنَعَتْ) أَيْ جَازَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينِهِ (حَتَّى يُسَلِّمَ) الْمَهْرَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ دُونَ التَّسْلِيمِ (وَإِنْ وَطِئَهَا) بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (فَلَا) كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ لِيَحْبِسَهُ. أَمَّا إذَا وُطِئَتْ مُكْرَهَةً أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَسْلِيمِهَا. نَعَمْ لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الْمَجْنُونَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ لِمَصْلَحَةٍ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمُلَتْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ.

(وَلَوْ بَادَرَ) الزَّوْجُ (فَسَلَّمَ) الْمَهْرَ (فَلْتُمَكِّنْ) زَوْجَهَا وُجُوبًا إذَا طَلَبَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَمْكِينِ زَوْجِهَا (بِلَا عُذْرٍ) مِنْهَا (اسْتَرَدَّ) الْمَهْرَ مِنْهَا (إنْ قُلْنَا) بِالْمَرْجُوحِ (أَنَّهُ يُجْبَرُ) عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالرَّاجِحِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَرِدَّ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْمُبَادَرَةِ، فَكَانَ كَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ.

تَنْبِيهٌ: أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ وَهُوَ مَنْزِلُ الزَّوْجِ وَقْتَ الْعَقْدِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ، فَإِنْ انْتَقَلَ عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ فَزَائِدُ الْمُؤْنَةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِغَزَّةَ امْرَأَةً بِالشَّامِ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ، وَهَلْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ أَمْ لَا؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: نَعَمْ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدَهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ.

وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِغَزَّةَ. قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ. وَأَمَّا مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ فَعَلَيْهِ.

وَلَوْ طَلَبَ الزَّوْجُ تَسْلِيمَهَا فَادَّعَى الْوَلِيُّ مَوْتَهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَا يُسَلِّمَهُ الْمَهْرَ، وَيُكَلَّفُ الْوَلِيُّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِمَوْتِهَا، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ.

(وَلَوْ اُسْتُمْهِلَتْ) هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا (لِتَنَظُّفٍ وَنَحْوِهِ) كَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَشَعْرِ عَانَةٍ وَشَعْرِ إبْطٍ (أُمْهِلَتْ) وُجُوبًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ، وَقِيلَ قَطْعًا (مَا يَرَاهُ قَاضٍ) كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ طَاهِرًا أَمْ حَائِضًا أَمْ نُفَسَاءَ (وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَثِيرِ وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ (لَا لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ فَلَا تُمْهَلُ لِذَلِكَ) ، بَلْ تُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ حَائِضًا وَنُفَسَاءَ لِأَنَّهَا مَحِلٌّ لِلِاسْتِمْتَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>