للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ.

وَلَوْ تَوَافَقُوا عَلَى مَهْرٍ كَانَ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عُقِدَ بِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْهِ مِنْ عَبْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي نِكَاحِ أَمَتَيْنِ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ مُتَّحِدٌ.

(وَلَوْ نَكَحَ) الْوَلِيُّ (لِطِفْلٍ) أَوْ مَجْنُونٍ (بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) مِنْ مَالِ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ (أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا) بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهُ فَنُونٍ سَاكِنَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بِخَطِّهِ (لَا) بِنْتًا (رَشِيدَةً) كَالْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالسَّفِيهَةِ (أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ) فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرٍ (بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبِكْرِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِي إنْكَاحِهَا إلَى إذْنٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَنْ يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ (فَسَدَ) كُلُّ (الْمُسَمَّى) لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالْحَظِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ، إذْ الزِّيَادَةُ فِي الْأُولَى وَالنَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ الْمَصْلَحَةِ (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِفَسَادِ الْمَهْرِ بِمَا ذُكِرَ، وَمَحَلُّ تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَوْ نَكَحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَا لَهُ فَقِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ فِي السَّفِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.

تَنْبِيهٌ: مَا جَزَمَا بِهِ هُنَا مِنْ فَسَادِ الْمُسَمَّى جَمِيعِهِ لَا يُنَافِي مَا رَجَّحْنَاهُ فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ مِنْ فَسَادِ الزَّائِدِ مِنْهُ دُونَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ مُتَصَرِّفٌ لِنَفْسِهِ فَقُصِرَ الْفَسَادُ عَلَى الزَّائِدِ، وَالْوَلِيُّ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَفَسَدَ جَمِيعُهُ، أَمَّا إذَا عَقَدَ الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ، وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ، فَلَوْ أَلْغَى فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلٍ فِي مَالِهِ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا رَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مِنْ فَسَادِهِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ، وَلَا يَصِيرُ الْأَبُ بِالْعَقْدِ لِمُوَلِّيهِ ضَامِنًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، فَإِنْ قِيلَ تَرْكِيبُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَإِنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ " لَا " إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨] [الْبَقَرَةُ] وقَوْله تَعَالَى: {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: ٣٥] [النُّورُ] .

أُجِيبَ بِأَنَّ لَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

(وَلَوْ تَوَافَقُوا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَقَدْ لَا يُحْتَاجُ إلَى مُوَافَقَتِهَا، أَوْ تَكُونُ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْوَلِيَّ وَالزَّوْجَ (عَلَى مَهْرٍ) كَمِائَةٍ (كَانَ سِرًّا) وَهُوَ لُغَةً مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ (وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً) كَمِائَتَيْنِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عُقِدَ بِهِ) اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِالْأَقَلِّ أَمْ بِالْأَكْثَرِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَمَلُوا نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ، وَفِي آخَرَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>