وَتَثْبُتُ بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَجْمُوعِ: وَتُهْرَاقُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ: أَيْ تَصُبُّ، وَالدَّمُ مَنْصُوبٌ، بِالتَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ، أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ. وَالْمَعْنَى تُهْرِيقُ الدَّمَ.
قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالُوا: لَكِنَّ الْعَرَبَ تَعْدِلُ بِالْكَلِمَةِ إلَى وَزْنِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا، وَهِيَ فِي مَعْنَى: تُسْتَحَاضُ، وَتُسْتَحَاضُ عَلَى وَزْنِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ (وَتَثْبُتُ) الْعَادَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) فَلَوْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ قَدْ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا فِيهِ كَاَلَّذِي يَلِيهِ لِقُرْبِهِ إلَيْهَا، فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا انْقَضَى، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ.
وَالثَّانِي: إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَوْدِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يُرَدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ.
وَالثَّالِثُ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، لِحَدِيثِ «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرُئِكِ» وَالْأَقْرَاءُ جَمْعُ قُرْءٍ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، فَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً فِي شَهْرٍ، ثُمَّ سِتَّةً فِي آخَرَ، ثُمَّ سَبْعَةً فِي آخَرَ، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِلَى السِّتَّةِ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَى الْخَمْسَةِ عَلَى الثَّالِثِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَانْتَظَمَتْ كَأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً، وَفِي الثَّانِي خَمْسَةً، وَفِي الثَّالِثِ سَبْعَةً، وَفِي الرَّابِعِ ثَلَاثَةً، وَفِي الْخَامِسِ خَمْسَةً، وَفِي السَّادِسِ سَبْعَةً، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ رُدَّتْ إلَى الثَّلَاثَةِ، أَوْ فِي الثَّامِنِ فَإِلَى الْخَمْسَةِ، أَوْ فِي التَّاسِعِ فَإِلَى السَّبْعَةِ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَأَقَلُّ مَا تَسْتَقِيمُ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَلَوْ لَمْ تَدُرْ الدَّوْرَ الثَّانِيَ عَلَى النَّظْمِ السَّابِقِ كَأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ رُدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ لَا إلَى الْعَادَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَظِمْ بِأَنْ كَانَتْ تَتَقَدَّمُ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ أُخْرَى رُدَّتْ إلَى مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ إنْ ذَكَرَتْهُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ، ثُمَّ تَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ، فَإِنْ نَسِيَتْ مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ، أَوْ نَسِيَتْ كَيْفِيَّةَ الدَّوَرَانِ دُونَ الْعَادَةِ حَيَّضْنَاهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ وَتَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ، وَتَغْتَسِلُ آخِرَ كُلِّ نَوْبَةٍ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ، وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ، فَقَالَ (وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ) حَيْثُ خَالَفَ الْعَادَةَ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ (لَا الْعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ، فَاسْتُحِيضَتْ فَرَأَتْ عَشْرَةً سَوَادًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَاقِيهِ حُمْرَةٌ، فَحَيْضُهَا الْعَشَرَةُ السَّوَادُ لِحَدِيثِ «دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ» (١) وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ عَلَامَةٌ فِي الدَّمِ، وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ فِي صَاحِبَتِهِ، وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ حَاضِرَةٌ، وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ قَدْ انْقَضَتْ. وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ ثَبَتَتْ وَاسْتَقَرَّتْ، وَصِفَةُ الدَّمِ بِصَدَدِ الزَّوَالِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَيْضُهَا الْخَمْسَةَ الْأُولَى مِنْهَا، وَالْبَاقِي بَعْدَ الْعَشَرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْخَمْسَةُ عَلَى الثَّانِي طُهْرٌ، فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ عُمِلَ بِهِمَا كَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute