للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَئِذٍ إنْ طَالَ مُكْثُهُ قَضَى وَإِلَّا فَلَا.

وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ

ــ

[مغني المحتاج]

الدُّخُولَ لِيَتَبَيَّنَ حَالَ الْمَرَضِ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الدُّخُولِ لِضَرُورَةٍ (إنْ طَالَ مُكْثُهُ) عُرْفًا (قَضَى) مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا مِثْلَ مُكْثِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، وَمَثَّلَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا طُولَ الْمُكْثِ بِسَاعَةٍ طَوِيلَةٍ، وَنَقَلَا عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ تَقْدِيرَهُ بِثُلُثِ اللَّيْلِ. ثُمَّ قَالَا: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ كَمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ (فَلَا) يَقْضِي لِقِلَّتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَأْثَمُ انْتَهَى، وَلَا وَجْهَ لِتَأْثِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ لِضَرُورَةٍ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ إذَا تَعَدَّى بِالدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْمُكْثَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْضِي إذَا دَخَلَ بِلَا ضَرُورَةٍ وَطَالَ مُكْثُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَوْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ قَضَى إنْ طَالَ مُكْثُهُ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ يَعْصِي، وَلَوْ جَامَعَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا عَصَى، وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ وَكَانَ لِضَرُورَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ، بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَيَقْضِي الْمُدَّةَ دُونَ الْجِمَاعِ لَا إنْ قَصُرَتْ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَا إذَا بَقِيَتْ الْمَظْلُومَةُ فِي نِكَاحِهِ، فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ بِسَبَبِهَا فَلَا قَضَاءَ لِخُلُوصِ الْحَقِّ لِلْبَاقِيَاتِ، فَلَوْ فَارَقَ الْمَظْلُومَةَ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ، ثُمَّ إنْ عَادَتْ بَعْدَ فِرَاقِ مَنْ ظَلَمَ بِهَا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ لِخُلُوصِ الْحَقِّ لَهَا، وَلَوْ أُخْرِجَ فِي اللَّيْلِ ظُلْمًا كُرْهًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: فِي الْحَاوِي. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْمَشْهُورُ فِي الْكُتُبِ وُجُوبُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَلَهُ قَضَاءُ الْفَائِتِ فِي أَيِّ جُزْءٍ شَاءَ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ وَيَعْصِي بِطَلَاقِ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّهَا بَعْدَ حُضُورِ وَقْتِهِ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بِدْعِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْعِصْيَانُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ أَعَادَهَا وَلَوْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَالْمُسْتَوْفِيَة مَعَهُ وَلَوْ بِعَقْدٍ بَعْدَ طَلَاقٍ قَضَى الْمُعَادَةَ حَقَّهَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَحْسِبُ مُبِينَتَهُ مَعَ الْمَظْلُومَةِ عَنْ الْقَضَاءِ قَبْلَ عَوْدِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِذَلِكَ.

(وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا لِوَضْعِ) أَوْ أَخْذِ (مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ) كَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَتَعْرِيفِ خَبَرٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطَّوَّفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُ الدُّخُولِ لِلضَّرُورَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَيَنْبَغِي) إذَا دَخَلَ نَهَارًا لِمَا ذُكِرَ (أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الْمُكْثِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَإِنْ طَالَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلنَّصِّ. قَالَ الشَّارِحُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَ شَيْخِي عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>