قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ، لَا الرُّجُوعِ فِي الْأَصَحِّ.
وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا، فَإِنْ رَضِيَ وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا، وَقِيلَ يُوَالِيهِمَا، أَوْ لَهُنَّ سَوَّى
ــ
[مغني المحتاج]
مَقْصِدَهُ، أَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ (قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ، هَذَا إنْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ. أَمَّا إذَا اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَلَا يَقْضِي كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي (لَا) مُدَّةَ (الرُّجُوعِ) بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ مُقِيمًا فَلَا يَقْضِيهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَا يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ. وَالثَّانِي يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ سَفَرٌ جَدِيدٌ بِلَا قُرْعَةٍ. أَمَّا إذَا رَجَعَ مِنْ الْمَقْصِدِ قَبْلَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فَلَا يَقْضِي جَزْمًا لِاسْتِصْحَابِ حُكْمِ السَّفَرِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَصْرِ، فَلَوْ أَقَامَ فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَزَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ قَضَى الزَّائِدَ، فَلَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَقْضِي إلَى أَنْ تَمْضِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ اسْتَصْحَبَ وَاحِدَةً بِقُرْعَةٍ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ وَكَتَبَ لِلْبَاقِيَاتِ يَسْتَحْضِرُهُنَّ قَضَى الْمُدَّةَ مِنْ حِينِ كِتَابَتِهِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ، صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَإِنْ اسْتَصْحَبَهَا بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَوْ لَمْ يَبِتْ مَعَهَا مَا لَمْ يَخْلُفْهَا فِي بَلَدٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنْ خَلَفَهَا لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ.
(وَمَنْ وَهَبَتْ) مِنْهُنَّ (حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا (فَإِنْ رَضِيَ) بِالْهِبَةِ (وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ (بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا) كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ وَإِنْ كَرِهَتْ «كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ، إذْ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يَقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ إلَّا هَذِهِ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: لَيْلَتَيْهِمَا أَنْ يَقْسِمَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ (وَقِيلَ) فِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ (يُوَالِيهِمَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ عَلَى وَقْتِهَا وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ يُقَدِّمَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى وَقْتِهَا وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ، وَالْمِقْدَارُ لَا يَخْتَلِفُ، وَعُورِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ حَقِّ مَنْ بِينَ اللَّيْلَتَيْنِ، وَبِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَهُمَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ بَيَاتِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ إلَّا لَيْلَتَهَا (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُنَّ) كُلِّهِنَّ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ مُطْلَقًا (سَوَّى) بَيْنَهُنَّ فِيهِ جَزْمًا، فَتُجْعَلُ الْوَاهِبَةُ أَوْ الْمُسْقِطَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute