للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْرُمُ بِهِ مَا حَرُمَ بِالْحَيْضِ، وَعُبُورُهُ سِتِّينَ كَعُبُورِهِ أَكْثَرَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ مِنْ الْخُرُوجِ لَا مِنْهَا، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ، لَكِنَّ الْبُلْقِينِيُّ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ، فَقَالَ: ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَزَمَنُ النَّقَاء لَا نِفَاسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْ السِّتِّينَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا اهـ.

وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّهَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا أَنَّ صَوْمَهَا يَبْطُلُ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ هُنَاكَ دَمًا إنْ خَفِيَ، وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى حَلِيلِهَا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ قَبْلَ غُسْلِهَا، وَكَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي يَمِيلُ إلَى الثَّانِي، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَإِنْ كُنْتُ جَرَيْتُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ، فَلَا نِفَاسَ لَهَا أَصْلًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَعَلَى هَذَا فَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا كَالْجُنُبِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصِّيَامِ إنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهَا بِالْوَلَدِ الْجَافِّ: مَحَلُّهُ مَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

فَائِدَةٌ: أَبْدَى أَبُو سَهْلٍ (١) مَعْنًى لَطِيفًا فِي كَوْنِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ سِتِّينَ: أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَتَغَيَّرُ ثُمَّ يَمْكُثُ مِثْلَهَا عَلَقَةً، ثُمَّ مِثْلَهَا مُضْغَةً، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ الْحَيْضِ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجْتَمِعُ الدَّمُ مِنْ حِينِ النَّفْخِ لِكَوْنِهِ غِذَاءَ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا: وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَكْثَرُهُ سَبْعُونَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرْبَعُونَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (وَيَحْرُمُ بِهِ مَا حَرُمَ بِالْحَيْضِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَيْضَ يُوجِبُ الْبُلُوغَ، وَالنِّفَاسُ لَا يُوجِبُهُ، لِثُبُوتِهِ قَبْلُ بِالْإِنْزَالِ الَّذِي حَبِلَتْ مِنْهُ.

الثَّانِي: أَنَّ الْحَيْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ، وَلَا يَتَعَلَّقَانِ بِالنِّفَاسِ لِحُصُولِهِمَا قَبْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ: وَلَا يُسْقِطُ بِأَقَلِّهِ الصَّلَاةَ: أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي الْأَثْنَاءِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُهَا، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ فَقَدْ لَزِمَتْ بِالِانْقِطَاعِ، بِخِلَافِ أَقَلِّ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ الْوَقْتَ، وَرُبَّمَا يُقَالُ: قَدْ يُسْقِطُهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، فَنَفِسَتْ أَقَلَّ النِّفَاسِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُسْتَثْنَى مَا قَالَهُ (وَعُبُورُهُ) أَيْ النِّفَاسِ (سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (أَكْثَرَهُ) ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي غَالِبِ أَحْكَامِهِ، فَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>