للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَدِّعِينِي وَنَحْوِهَا، وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسُهُ.

وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسُهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَدِّعِينِي) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ الْوَدَاعِ، فَوَاوُهُ أَصْلِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَنَحْوُهَا) كَقَوْلِهِ: لَا حَاجَةَ لِي فِيك أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك، وَذُوقِي أَيْ مَرَارَةَ الْفِرَاقِ، وَتَزَوَّدِي أَيْ اسْتَعِدِّي لِلُّحُوقِ بِأَهْلِك، وَتَقَنَّعِي وَاسْتَتِرِي، أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك فَأَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ فَلَا تَحِلُّ لِي رُؤْيَتُك، وَتَجَرَّعِي أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ، وَابْعَدِي لِأَنَّك أَجْنَبِيَّةٌ مِنِّي، وَاذْهَبِي أَيْ إلَى أَهْلِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك لَا اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِمَجْمُوعِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ.

فَإِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ: اذْهَبِي وَقَعَ، إذْ ضَابِطُ الْكِنَايَةِ كُلُّ لَفْظٍ لَهُ إشْعَارٌ قَرِيبٌ بِالْفِرَاقِ وَلَمْ يَشِعْ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا كَسَافِرِي، وَاخْرُجِي، وَيَا بِنْتِي إنْ أَمْكَنَ كَوْنَهَا بِنْتَه، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا إذَا قَالَهُ لِأَمَتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ، وَتَزَوَّجِي وَانْكِحِي أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك، وَأَحْلَلْتُك أَيْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَفَتَحْت عَلَيْك الطَّلَاقَ أَيْ أَوْقَعْتُهُ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يَسُوقُ إلَيْك الْخَيْرَ أَيْ بِالطَّلَاقِ، وَبَارَكَ اللَّهُ لَكِ أَيْ فِي الْفِرَاقِ لَا إنْ قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لِي فِيك، وَهُوَ يُشْعِرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا، وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، أَنْتِ وَشَأْنَكِ، وَسَلَامٌ عَلَيْكِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ عِنْدَ الْفِرَاقِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ (وَالْإِعْتَاقُ) صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ (كِنَايَةُ طَلَاقٍ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ، فَقَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ: أَعْتَقْتُك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَعَكْسُهُ) أَيْ صَرِيحُ الطَّلَاقِ، وَكِنَايَتُهُ كِنَايَةُ إعْتَاقٍ لِمَا مَرَّ، فَقَوْلُهُ لِرَقِيقِهِ: طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ خَلِيٌّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إنْ نَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ: اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك لَغْوٌ لَا يَعْتِقُ بِهِ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَمِثْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا الْخُنْثَى وَكِنَايَةٌ فِي الْأَمَةِ، وَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ: أَنَا مِنْك حُرٌّ، أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي لَغْوٌ لَا يَعْتِقُ بِهِ وَإِنْ نَوَاهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَشْمَلُ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمَمْلُوكِ.

(وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسُهُ) وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٌ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الظِّهَارَ لَمْ يَقَعْ مَا نَوَاهُ بَلْ يَقَعُ مُقْتَضَى الصَّرِيحِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلَ. مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ: أَرَدْت بِقَوْلِي أَحَلْتُك الْوَكَالَةَ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: بَلْ أَرَدْت الْحَوَالَةَ صُدِّقَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْت فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَكِنَايَةٌ فِي الْوَقْفِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: فَسَخْت نِكَاحَك وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْفَسْخِ بِعَيْبِهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ مَعَ أَنَّ الْفَسْخَ صَرِيحٌ فِي رَفْعِ نِكَاحِ الْمَعِيبَةِ بِحَيْثُ تَبِينُ بِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ فَقَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>