للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ.

وَشَرْطُ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ، وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ.

وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ لَغْوٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْمُرْتَدَّةِ، وَلَا كَفَّارَةَ بِذَلِكَ فِي رَجْعِيَّةٍ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَتَجِبُ فِي حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا كَمُصَلِّيَةٍ؛ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ.

(وَلَوْ) حَرَّمَ الشَّخْصُ غَيْرَ الْأَبْضَاعِ كَأَنْ (قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ) لَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ، وَكَالْأَمْوَالِ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلَا أَمَةٍ لَهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

تَنْبِيهَاتٌ: لَوْ حَرَّمَ كُلُّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً وَكَلَّمَهُمْ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِهَا ضَعِيفٌ، وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى، وَبَحَثَهُ شَيْخُنَا فِي الثَّانِيَةِ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهَا خِلَافَهُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَرَامَ لَمَّا كَانَ يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَالطَّلَاقُ إذَا نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ يَتَعَدَّدُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ؛ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الْخَمْرِ، أَوْ الْخِنْزِيرِ، أَوْ الدَّمِ فَكَقَوْلِهِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ فِيمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِقْذَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا تُلْحَقُ الْكِنَايَةُ بِالصَّرِيحِ مُوَاطَأَةً كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك، بَلْ تَكُونُ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ، وَلَا سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ، وَلَا قَرِينَةَ مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ (وَشَرْطُ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ قَارَنَتْ أَوَّلَهُ وَعَزَبَتْ قَبْلَ آخِرِهِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ (وَقِيلَ: يَكْفِي) اقْتِرَانُهَا (بِأَوَّلِهِ) فَقَطْ وَيَنْسَحِبُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ. وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَ فِي الْكَبِيرِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِبَعْضِ اللَّفْظِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا.

تَنْبِيهٌ: اللَّفْظُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ هُوَ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ، وَمَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ مَثَلًا، وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِنَايَاتِ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الِاكْتِفَاءُ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ أَنْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْكِنَايَةِ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمَقْصُودَ لَا يَتَأَدَّى بِدُونِهِ.

(وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ) وَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ (بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغْوٌ) لَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ الطَّلَاقَ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>