وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقَهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ إضَافَتَهُ إلَيْهَا فِي الْأَصَحِّ
ــ
[مغني المحتاج]
بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْفَصْلِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ عَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَلَا بِالْمَعَانِي الْقَائِمَةِ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهَا، وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ جُزْءَانِ مِنْ الْبَدَنِ، فَيَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الطَّلَاقُ وَإِنْ نُوزِعَ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الذَّاتَ، فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ، وَإِنْ قَالَ نَفْسُك بِإِسْكَانِ الْفَاءِ طَالِقٌ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْآدَمِيِّ، أَمَّا بِفَتْحِ الْفَاءِ فَلَا لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْهَوَاءِ يَدْخُلُ الرِّئَةَ وَيَخْرُجُ مِنْهَا لَا جُزْءٌ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا، وَلَوْ قَالَ: حَيَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى فَلَا كَسَائِرِ الْمَعَانِي، وَإِنْ أَطْلَقَ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
تَنْبِيهٌ: الطَّلَاقُ فِيمَا مَرَّ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ، ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الْبَدَنِ، كَمَا فِي الْعِتْقِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقَطَعَتْ، ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَنْ خَاطَبَهَا بِذَلِكَ وَلَا يَمِينَ لَهَا كَمَا قَالَ (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) مَثَلًا (يَمِينُك) وَذَكَرَهُ عَلَى إرَادَةِ الْعُضْوِ، وَلَوْ أَنَّثَ قَالَ: يُمْنَاك (طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِفِقْدَانِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: لِحْيَتُك أَوْ ذَكَرُك طَالِقٌ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ وَقَعَ، أَوْ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ فَلَا، وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْوُضُوءِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ، وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسٍ طَلُقَتَا، أَوْ بِجَرِّهِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، أَمَّا غَيْرُهُ فَتَطْلُقُ عَمْرَةُ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدٍ أَوْ لِلْمُلْتَقِطِ يَدُك ابْنِي لَمْ يَثْبُتْ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ فِيهِمَا.
(وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقَهَا) أَيْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا، حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا وَمُؤْنَتُهَا فَيَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحَلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُقَيَّدَةٌ وَالزَّوْجُ كَالْقَيْدِ عَلَيْهَا وَالْحَلُّ يُضَافُ إلَى الْقَيْدِ كَمَا يُضَافُ إلَى الْمُقَيَّدِ، فَيُقَالُ: حُلَّ فُلَانٌ الْمُقَيَّدُ وَحُلَّ الْقَيْدُ عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا) تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ بِإِضَافَتِهِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَشُرِطَ فِيهِ مَا شُرِطَ فِي الْكِنَايَةِ مِنْ قَصْدِ الْإِيقَاعِ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (إنْ لَمْ يَنْوِ) مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ (إضَافَتَهُ إلَيْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ الْمَرْأَةُ لَا الرَّجُلُ وَاللَّفْظُ مُضَافٌ إلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ صَارِفَةٍ تَجْعَلُ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ إضَافَةً إلَيْهَا، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الْمَحَلِّ نُطْقًا أَوْ نِيَّةً.
تَنْبِيهٌ: عِبَارَتُهُ تَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ لَا يَنْوِيَ إيقَاعَهُ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute