قُلْت: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ، أَوْ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ
ــ
[مغني المحتاج]
هُنَا أَبْلَغُ مِنْ الِاتِّصَالِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ (قُلْت: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ) فَلَا يَكْفِي التَّلَفُّظُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ (قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ يَنْوِيَهُ أَوَّلَهَا أَوْ آخِرَهَا أَوْ مَا بَيْنَهُمَا (فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَالثَّانِي يَكْفِي بَعْدَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَفَى لَزِمَ عَلَيْهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا التَّلَفُّظُ بِالِاسْتِثْنَاءِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ عِنْدَ اعْتِدَالِ سَمْعِهِ، فَلَا يَكْفِي أَنْ يَنْوِيَهُ بِقَلْبِهِ وَلَا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ ظَاهِرًا قَطْعًا وَلَا يُدَيَّنُ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا (عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَالْمُسْتَغْرَقُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْآمِدِيُّ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَطَلُقَتْ ثَلَاثًا.
تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ: كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَرِدُ عَلَى بُطْلَانِ الْمُسْتَغْرَقِ صِحَّةُ نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ رَفَعَتْ الْمَشِيئَةُ جَمِيعَ مَا أَوْقَعَهُ الْحَالِفُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُسْتَغْرَقِ لِأَنَّ هَذَا خَرَجَ بِالنَّصِّ فَيَبْقَى غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةٌ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَا يُجْمَعُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى لِإِثْبَاتِهِ وَلَا فِيهِمَا كَذَلِكَ.
(وَ) عَلَى هَذَا (لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ وَيَلْغُو مَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، وَهُوَ وَاحِدَةٌ الْمَعْطُوفَةُ عَلَى ثِنْتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَمْعِ الْعَدَدِ الْمَعْطُوفِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ (وَقِيلَ) : يَقَعُ (ثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى جَمْعِ الْمُسْتَثْنَى فَيَكُونُ مُسْتَغْرَقًا فَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) تَقَعُ وَيَلْغُو اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْوَاحِدَةِ لِاسْتِغْرَاقِهِ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) بِنَاءً عَلَى جَمْعِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنًى مِنْ الثَّلَاثِ.
تَنْبِيهٌ: تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْعَطْفِ فِي الْمُسْتَثْنَى، وَبِالْمِثَالِ الثَّانِي لِعَدَمِ الْعَطْفِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَسَكَتَ عَنْ عَدَمِ الْعَطْفِ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعًا كَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً فَيَقَعُ ثِنْتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ قَالَ: وَمَا فَرَّقَ لَا يَجْمَعُ كَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا، إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ، هَذَا إنْ اتَّفَقَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةٌ لَا وَاحِدَةٌ وَقَعَ ثَلَاثٌ جَزْمًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فَلَا يُجْمَعُ، وَإِنْ قِيلَ بِالْجَمْعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ لِتَغَايُرِ الْأَلْفَاظِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ اسْتَثْنَى ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute