للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ قَصَدْتُ أَجْنَبِيَّةً فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا، وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالَةِ الْأَوْلَى، وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ، وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا، وَنَفَقَتُهُمَا فِي الْحَالِ.

ــ

[مغني المحتاج]

يَرْفَعْ فِي نَسَبِهَا مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ (وَقَالَ) لَمْ أَقْصِدْ زَوْجَتِي بَلْ (قَصَدْتُ أَجْنَبِيَّةً) اسْمُهَا زَيْنَبُ (فَلَا) يُقْبَلُ ظَاهِرًا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ قَبْلَهَا وَاسْمُهَا زَيْنَبُ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ. وَقَالَ أَرَدْتُهَا. وَالثَّانِي: يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ: إحْدَاكُمَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَصْرِيحٌ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا وَصْفٌ لَهَا وَلَا إشَارَةٌ بِالطَّلَاقِ، وَهُنَا صَرَّحَ بِاسْمِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، فَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا اسْمُهَا زَيْنَبُ وَقَالَ: زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَسَادَ نِكَاحِهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى وَاحِدَةٍ انْصَرَفَ وَصَارَ اللَّفْظُ كَالنَّصِّ فِي التَّعْيِينِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنَةً بَلْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا أَوْ قَصَدَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَإِحْدَاهُمَا) أَيْ زَوْجَتَيْهِ تَطْلُقُ، وَلَا يَدْرِي الْآنَ مَنْ هِيَ (وَيَلْزَمُهُ) بَعْدَ طَلَبِ الزَّوْجَتَيْنِ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ (الْبَيَانُ) لِلْمُطَلَّقَةِ (فِي الْحَالَةِ الْأَوْلَى) وَهِيَ قَصْدُ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ (وَالتَّعْيِينُ) فَوْرًا (فِي) الْحَالَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ قَصْدُ وَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا فَيَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْفِرَاقِ (وَتُعْزَلَانِ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بِخَطِّهِ فَالضَّمِيرِ لِزَوْجَتَيْهِ، وَيَسْتَمِرُّ انْعِزَالُهُمَا (عَنْهُ إلَى الْبَيَانِ) فِي الْحَالَةِ الْأُولَى (أَوْ التَّعْيِينِ) فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِاخْتِلَاطِ الْمَحْظُورِ بِالْمُبَاحِ (وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا) أَيْ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ لِرَفْعِهِ حَبْسَهُ عَمَّنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا، فَلَوْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى وَعُزِّرَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يُمْهَلُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا، إذْ لَا وَجْهَ لِلْإِمْهَالِ حِينَئِذٍ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَبْهَمَ أَوْ عَيَّنَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ هَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ بَيَانٌ وَلَا تَعْيِينٌ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَزِمَهُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ وَانْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، أَمَّا إذَا لَمْ تَطْلُبْ الزَّوْجَتَانِ وَلَا إحْدَاهُمَا فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِهِ قَبْلَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ الزَّوْجَيْنِ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ الِانْعِزَالُ وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (نَفَقَتُهُمَا فِي الْحَالِ) إلَى الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ، وَسَوَاءٌ أَقَصَّرَ فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ أَمْ لَا كَأَنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ وَلَا يَرُدُّ الْمَصْرُوفَ إلَى الْمُطَلَّقَةِ إذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرَ فَإِنَّهَا نَفَقَةٌ لِبَائِنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>