وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ وَتَعْيِينٍ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ لِبَيَانِ الْإِرْثِ، وَلَوْ مَاتَ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لَا تَعْيِينِهِ.
وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجُهِلَ مُنِعَ مِنْهُمَا
ــ
[مغني المحتاج]
أَوْ لِلْإِضْرَابِ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ الْإِضْرَابُ عَنْ الْأُولَى، فَإِنْ أَتَى بِثُمَّ أَوْ الْفَاءِ كَهَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَى لَهَا شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ بَعْدَهَا هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ، فَالْمُشَارِ إلَيْهَا أَوَّلًا، أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ، فَالْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ. أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَتَطْلُقُ الْمَنْوِيَّةُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَيْضًا وَهَذَا فِي الطَّلَاقِ الْمُعَيَّنِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَبَيَانٌ. أَمَّا الطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ فَالْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْأُولَى، سَوَاءٌ أَعَطَفَ بِالْوَاوِ أَمْ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ اخْتِيَارٍ وَلَيْسَ بِإِخْبَارٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا (وَلَوْ مَاتَتَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ (أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (وَتَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ (بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْمُطَلِّقِ بِالْبَيَانِ جَزْمًا، وَالتَّعْيِينُ عَلَى الْمَذْهَبِ (لِبَيَانِ) حَالِ (الْإِرْثِ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إرْثُهُ فِي إحْدَاهُمَا بِيَقِينٍ فَيُوقَفُ مِنْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ الْمَيِّتَةِ نَصِيبُ الزَّوْجِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الْإِرْثِ، فَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ لَمْ يَرِثْ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى، ثُمَّ إنْ نَوَى مُعَيَّنَةً فَبَيَّنَ فِي وَاحِدَةٍ فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا كَمَا لَا يَرِثُ مِنْ الْأُولَى أَيْضًا إذَا كَانَتْ مَيِّتَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ، وَإِنْ حَلَفَ طَالَبُوهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا طَالَبُوهُ بِنِصْفِهِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِمْ الْمَذْكُورِ يُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يُطَالِبُونَهُ بِكُلِّهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمُبْهَمِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَرَثَةُ الْمُطَلَّقَةِ فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ وَقَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِإِرْثٍ لَا يَدَّعِيه وَادَّعَوْا عَلَيْهِ مَهْرًا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَلَوْ مَاتَ) الْمُطَلِّقُ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ، لَا) قَبُولُ (تَعْيِينِهِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ وَقَدْ يَقِفُ عَلَى مُرَادِ مُوَرِّثِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَالتَّعْيِينُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ فَلَمْ يَخْلُفْهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ. وَالثَّانِي: يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِمَا كَمَا يَخْلُفُهُ فِي حُقُوقٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تُورَثُ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فُلَانَةُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوَارِثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرِّثَتَهُمْ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْإِبْهَامِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْهُ (فَعَبْدِي حُرٌّ وَجُهِلَ) حَالُ الطَّائِرِ وَصَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ وَحَلَفَ (مُنِعَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ بِالْعَبْدِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute