وَيَحِلُّ خُلْعُهَا، وَطَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ، حَمْلُهَا.
وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ.
وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَحِينَ تَطْهُرُ،
ــ
[مغني المحتاج]
التَّعْقِيبِ (وَ) الْمَوْطُوءَةُ فِي الطُّهْرِ (يَحِلُّ خُلْعُهَا) كَالْحَائِضِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيُسْتَثْنَى حِينَئِذٍ مِنْ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ (وَ) يَحِلُّ (طَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ؛ لِأَنَّ بِأَخْذِ الْعِوَضِ وَظُهُورِ الْحَمْلِ يَنْعَدِمُ احْتِمَالُ النَّدَمِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ طَلَاقُ الْبِدْعِيِّ وَطَلَاقُ غَيْرِ الْبِدْعِيِّ وَالسُّنِّيِّ. وَأَمَّا الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ فَهُوَ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ، وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهَا الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ.
(وَمَنْ طَلَّقَ) طَلَاقًا (بِدْعِيًّا) وَلَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الطَّلَاقِ (سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ) مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ. الثَّانِي: إنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ. أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَإِلَى آخِرِ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونَ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ (ثُمَّ) بَعْدَ الرَّجْعَةِ (إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ) تَمَامِ (طُهْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا» أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمَا.
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِ الرَّجْعَةِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَبَاهُ أَنْ يَأْمُرَهُ، وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ» كَذَا قَالُوهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِكَ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ لِأَجْلِ الْوَالِدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ تَرْكَ الرَّجْعَةِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ اهـ.
وَرُدَّ الِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ لِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ، وَإِذَا رَاجَعَ فَهَلْ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ؟ حَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ الْأَثِمَ يَرْتَفِعُ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَإِذَا رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ، فَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبْنِ حَمْلُهَا وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأَهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي؛ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ، بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، كَذَا قِيلَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ.
(وَلَوْ قَالَ: لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ الْحَيْضِ لِاتِّصَافِ طَلَاقِهَا بِهِ (أَوْ) قَالَ لِحَائِضٍ لَمْ يَطَأْهَا فِي ذَلِكَ الْحَيْضِ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ فَحِينَ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَ (تَطْهُرُ) مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ بِأَنْ تَشْرَعَ فِي الطُّهْرِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاغْتِسَالِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ قَبْلَهُ.