وَلَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ، أَوْ نَهَارًا فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ
أَوْ الْيَوْمُ، فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَإِلَّا لَغَا، وَبِهِ يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا فِي زَمَنٍ
(وَلَوْ قَالَ لَيْلًا) أَيْ فِيهِ (إذَا مَضَى يَوْمٌ) بِالتَّنْكِيرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ إذْ يَتَحَقَّقُ بِهِ مُضِيُّ الْيَوْمِ (أَوْ) قَالَهُ (نَهَارًا) أَيْ فِيهِ (فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ) تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا كَانَ أَوْ مُتَفَرِّقًا، فَإِنْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَعَ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ، أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ النَّهَارُ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ.
(أَوْ) قَالَ إذَا مَضَى (الْيَوْمُ) بِالتَّعْرِيفِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الْبَاقِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَاللَّامُ الْعَهْدِ فَانْصَرَفَ إلَى الْيَوْمِ الْحَاضِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَهُ لَيْلًا (لَغَا) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ: إذَا مَضَى الْيَوْمُ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِرَفْعِ الْيَوْمِ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ بِالنَّصْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ النَّهَارَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ، وَسَمَّى الزَّمَانَ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ (وَبِهِ) أَيْ الْيَوْمِ (يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ) وَالشَّهْرُ وَالسَّنَةُ.
فَإِذَا قَالَ: لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهِ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ التَّعْلِيقُ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ؛ فَإِنْ عَلَّقَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ أَوْ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ، وَإِذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ مَعَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا أَرَادَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ فَقَدْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ؛ وَإِنْ قَالَ: إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ قَالَ: السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ تِلْكَ السَّنَةِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهَا أَوْ أَرَدْت بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ، وَيُدَيَّنُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ. قَالَ: وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عِنْدَ الْجِيلِيِّ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً؛ لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اهـ. وَكَلَامُ الْجِيلِيِّ أَوْجَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ شَكَّ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ أَوْ لَا عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ، حَالَ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: ٤٩] أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute