بِخِلَافِ ضَرْبِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يُدَيَّنُ، فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ بِالْمُعَايَنَةِ وَمَضَى ثَلَاثُ لَيَالٍ وَلَمْ تَرَ فِيهَا الْهِلَالَ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا (بِخِلَافِ ضَرْبِهِ) إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ، كَإِنْ ضَرَبْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَتْهُ وَهُوَ مَيِّتٌ لِانْتِفَاءِ الْأَلَمِ، أَوْ هُوَ حَيٌّ طَلُقَتْ بِضَرْبِهِ بِسَوْطٍ أَوْ وَكْزٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إنْ آلَمَ الْمَضْرُوبَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤْلِمْهُ، أَوْ عَضَّهُ، أَوْ قَطَعَ شَعْرَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى ضَرْبًا، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَرَّحُوا فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَيُقَالُ فِي الْعُرْفِ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ.
فُرُوعٌ: لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ، وَكَذَا إنْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرُ الطَّافِحُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيَتَكَلَّمُ هُوَ عَادَةً، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا، أَوْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ، أَوْ كَلَّمَتْهُ بِهَمْسٍ، وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ، أَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَكَان لَا يَسْمَعُ مِنْهُ، فَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ، أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ إلَيْهِ وَسَمِعَ لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَا يَسْمَعُ لِذُهُولٍ مِنْهُ، أَوْ لِشُغْلٍ، أَوْ لَغَطٍ، وَلَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ، وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ، وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصَمَّ لَسَمِعَ فَقِيلَ: يَقَعُ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ وَإِنْ تَعَذَّرَ السَّمَاعُ لِأَمْرٍ بِهِ فَأَشْبَهَ شُغْلَ قَلْبِهِ، وَصَحَّحَ هَذَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ عَادَةً فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْهَمْسِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ.
هَذَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ. وَالثَّانِي: عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مَعَ رَفْعِهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ حَائِطًا مَثَلًا وَهُوَ يَسْمَعُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ. وَالثَّانِي: تَطْلُقُ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْكَلَامِ دُونَ الْحَائِطِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ زَوْجَهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، فَإِنْ قَالَ قَصَدْت مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا، وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، فَلَا يَقَعُ بِتَكْلِيمِ الْآخَرِ شَيْءٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِكَلَامِهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ إنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا أَوْ زَيْدًا فَعَمْرًا اُشْتُرِطَ تَكْلِيمُ زَيْدٍ أَوَّلًا وَتَكْلِيمُ عَمْرٍو بَعْدَهُ مُتَرَاخِيًا فِي الْأُولَى وَعَقِبَ كَلَامِ زَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ.
تَنْبِيهٌ: الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك، فَإِنَّ مَعْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute