أَوْ أَصَرَّ صَادَفَ بَيْنُونَةً.
ــ
[مغني المحتاج]
لِعَانَةً (بَيْنُونَةً) لِتَبَيُّنِ انْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالرِّدَّةِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ وَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ صَحَّ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُضَافٍ إلَى حَالِ النِّكَاحِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ، وَإِلَّا تَبَيَّنَا فَسَادَهُ، وَلَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ حَدُّ الْقَذْفِ فِي الْأَصَحِّ، هَذَا إنْ قَذَفَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَذَفَهَا فِي حَالِ الْإِسْلَامِ صَحَّ اللِّعَانُ كَمَا لَوْ قَذَفَ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ أَبَانَهَا فَإِنَّ لَهُ الْمُلَاعَنَةَ
فُرُوعٌ: لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ مُكِّنَ مِنْهُ،
وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ لَا يَتَدَاخَلُ، وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ، فَلَوْ أَتَى بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ حَدٌّ عَلَى الْجَدِيدِ، ثُمَّ إنْ رَضِينَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَشَاحَحْنَ فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ، إذْ لَا مَزِيَّةَ لِوَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى، فَإِنْ بَدَأَ الْحَاكِمُ بِلِعَانِ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَاتِ يَصِلْنَ إلَى حَقِّهِنَّ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: رَجَوْتُ أَنْ لَا يَأْثَمَ، وَحَمَلُوهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ،
وَلَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَلَوْ صَرَّحَ فِيهِ بِزِنًا آخَرَ لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ، وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ، لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزَّانِيَاتِ كُلِّهَا، وَكَذَا الزُّنَاةُ إنْ سَمَّاهُمْ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ، وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرَهُمْ، لَا إسْقَاطُهُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا بِطَلَبِهَا طَالَبَهُ الرَّجُلُ الْمَقْذُوفُ بِهِ بِالْحَدِّ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ فَلَهُ اللِّعَانُ، وَتَأَبَّدَتْ حُرْمَةُ الزَّوْجِيَّةِ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِ الرَّجُلِ فَقَطْ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ كَانَ لَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا لَا تَبَعًا لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهِ، وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ فَعَلَى الْحَاكِمِ إعْلَامُ زَيْدٍ بِذَلِكَ لِيُطَالِبَ بِحَقِّهِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْلِمُهُ لِيَسْتَوْفِيَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا عُزِّرَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا أَنْ يُعَزَّرَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ بِمَثَابَةِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ إنْ وَقَعَ الْقَذْفَانِ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ حُدَّ حَدًّا وَاحِدًا، وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، فَإِنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ تَعَدَّدَ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute