للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى نَفْيِ مُمْكِنٍ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ، أَوْ نَكَحَ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْحَقْهُ

وَلَهُ نَفْيُهُ مَيِّتًا، وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَدِيدِ وَيُعْذَرُ لِعُذْرٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْآيَةَ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَيَتَشَطَّرُ بِهِ الصَّدَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَيَسْتَبِيحُ نِكَاحَ أَرْبَعٍ سِوَاهَا، وَمَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا عَلَى لِعَانِهَا بَلْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ

فَرْعٌ: لَوْ قَذَفَ زَوْجٌ زَوْجَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَهِيَ ثَيِّبٌ ثُمَّ لَاعَنَا وَلَمْ تُلَاعِنْ هِيَ جُلِدَتْ ثُمَّ رُجِمَتْ

(وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ) أَيْ فِيهِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» (وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ) الْمُلَاعِنُ (إلَى نَفْيِ) نَسَبِ وَلَدٍ (مُمْكِنٍ) كَوْنَهُ (مِنْهُ) وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ بَيَانُ أَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ (بِأَنْ وَلَدَتْهُ) الْمُلَاعِنَةُ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَقَلَّ (مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) أَكْثَرُ مِنْهُمَا بِقَدْرِهِمَا وَأَكْثَرُ لَكِنَّهُ (طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (أَوْ نَكَحَ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ) امْرَأَةً (وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ اجْتِمَاعُهُمَا وَوَطْءٌ وَحَمْلُ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ (لَمْ يَلْحَقْهُ) الْوَلَدُ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى انْتِفَائِهِ إلَى لِعَانٍ.

تَنْبِيهٌ هَذَا إنْ كَانَ الْوَلَدُ تَامًّا، فَإِنْ لَمْ تَلِدْهُ تَامًّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ وَمِنْ صُوَرِ التَّعَذُّرِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَمْسُوحًا عَلَى الْمَذْهَبِ، فَلَوْ قَالَ: كَأَنْ وَلَدَتْهُ بِالْكَافِ كَانَ أَوْلَى، وَيُمْكِنُ إحْبَالُ الصَّبِيِّ لِتِسْعِ سِنِينَ، وَيُشْتَرَطُ كَمَالُ التَّاسِعَةِ ثُمَّ يُلَاعِنُ حَتَّى يَثْبُتَ بُلُوغُهُ، فَإِنْ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ وَلَوْ عَقِبَ إنْكَارِهِ لَهُ صُدِّقَ، وَخَرَجَ بِالْمَمْسُوحِ مَجْبُوبُ الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ وَعَكْسُهُ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ إحْبَالُهُمَا.

(وَلَهُ نَفْيُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (مَيِّتًا) لِأَنَّ نَسَبَهُ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ: مَاتَ وَلَدُ فُلَانٍ وَهَذَا قَبْرُ وَلَدِ فُلَانٍ

فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ نَفْيِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إسْقَاطُ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ النَّفْيِ جَازَ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَيَسْتَحِقُّ إرْثَهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ ثُمَّ نَفَاهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ جَزْمًا (وَالنَّفْيُ) لِنَسَبِ وَلَدٍ يَكُونُ (عَلَى الْفَوْرِ فِي) الْأَظْهَرِ (الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُحَقَّقٍ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالثَّانِي لَهُ النَّفْيُ مَتَى شَاءَ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ.

تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ هُنَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ أَوْ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ لَيْسَ مِنِّي مَعَ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (وَيُعْذَرُ) الْمُلَاعِنُ فِي تَأْخِيرِ النَّفْيِ عَلَى قَوْلِ الْفَوْرِ (لِعُذْرٍ) كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ كَانَ جَائِعًا فَأَكَلَ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>