أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ ثَلَاثَةٌ
وَالْقَرْءُ: الطُّهْرُ
فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
الثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (أَوْ) الْفُرْقَةُ بَعْدَ (اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ: الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ غَايَتُهُ ظَنٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ مُحْتَرَمًا حَالَ الْإِنْزَالِ وَحَالَ الْإِدْخَالِ، حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالِاسْتِدْخَالِ أَنْ يُوجَدَ الْإِنْزَالُ وَالِاسْتِدْخَالُ مَعًا فِي الزَّوْجِيَّةِ، فَلَوْ أَنْزَلَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ أَنْزَلَ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ أَبَانَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ زِنًا كَمَا قَالُوا، أَمَّا مَاؤُهُ مِنْ الزِّنَا فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ (وَ) تَجِبُ الْعِدَّةُ بِمَا ذُكِرَ، وَ (إنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) كَمَا فِي الصَّغِيرِ، وَلَوْ كَانَ التَّيَقُّنُ بِالتَّعْلِيقِ: كَقَوْلِهِ: مَتَى تَيَقَّنْتِ بَرَاءَةَ رَحِمِكِ مِنْ مَنِيٍّ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعُلُوقُ لَمَّا كَانَ خَفِيًّا يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، وَلِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ أَعْرَضَ الشَّارِعُ عَنْهُ، وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ، وَ (لَا) تَجِبُ الْعِدَّةُ (بِخَلْوَةٍ) مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ (فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْقَدِيمُ: تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ (ثَلَاثَةً) مِنْ أَقْرَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَلَوْ ظَنَّهَا الْوَاطِئُ أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ، وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا الرِّقُّ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتِرْقَاقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ
وَالثَّانِي: تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ أَمَةٍ تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهَا
(وَالْقَرْءُ) ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْفَتْحِ بِخَطِّهِ لِكَوْنِهِ اللُّغَةَ الْمَشْهُورَةَ، وَهُوَ لُغَةً مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِي الْأَوَّلِ مَجَازٌ فِي الثَّانِي وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ (الطُّهْرُ) كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُحَرَّمٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَيُصْرَفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ، وَقَدْ قُرِئَ " فَطَلِّقُوهُنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ " وَقَبْلَ الشَّيْءِ أَوَّلُهُ، وَلِأَنَّ الْقَرْءَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَمْعِ، يُقَالُ: قَرَأْت كَذَا فِي كَذَا إذَا جَمَعْته فِيهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ بِالطُّهْرِ أَحَقَّ مِنْ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، وَالْحَيْضَ خُرُوجُهُ مِنْهُ، وَمَا وَافَقَ الِاشْتِقَاقَ كَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ
(فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَبَقِيَ مِنْ زَمَنِ طُهْرِهَا شَيْءٌ (انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِأَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ وَإِنْ قَلَّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ قَرْءٍ قَالَ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] وَهُوَ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ كَأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute