وَفِي الْقَدِيمِ تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَتَنْكِحُ، فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ نُقِضَ عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ،
ــ
[مغني المحتاج]
يَأْتِيَهَا " يَعْنِي مَوْتَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهِ نَقُولُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِعَدْلَيْنِ كَفَى وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشَّهَادَاتِ الِاكْتِفَاءُ فِي الْمَوْتِ بِالِاسْتِفَاضَةِ مَعَ عَدَمِ إفَادَتِهَا الْيَقِينَ، وَلَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً بِمَوْتِ زَوْجِهَا حَلَّ لَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ.
تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَدِيدِ هُنَا وَقَيَّدَاهُ فِي الْفَرَائِضِ بِمَا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا
قَالَا: فَإِنْ مَضَتْ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهَا التَّزْوِيجَ كَمَا يُقَسَّمُ مَالُهُ قَطْعًا، وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَرَبَّصُ) بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْ تَتَرَبَّصُ زَوْجَةُ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ (أَرْبَعَ سِنِينَ) مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ) بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ (وَتَنْكِحُ) غَيْرَهُ لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجَ مِنْ النِّكَاحِ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ هُنَا حَاصِلٌ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَرْبَعِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ قَاضٍ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي وَإِذَا ضَرَبَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَالِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِهِ بِوَفَاتِهِ وَبِحُصُولِ الْفُرْقَةِ، وَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَفَسْخِهِ بِالْعُنَّةِ أَوْ بَاطِنًا فَقَطْ؟ وَجْهَانِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا - وَتَرَكَ بَيَاضًا وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا - قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ نُفُوذِهِ ظَاهِرًا فَقَطْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُسْتَوْلَدَة كَالزَّوْجَةِ، وَأَنَّ الزَّوْجَةَ الْمُنْقَطِعَةَ الْخَبَرُ كَالزَّوْجِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا (فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ) أَيْ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَمِنْ الْحُكْمِ بِوَفَاتِهِ وَبِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ (قَاضٍ نُقِضَ) حُكْمُهُ (عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوَفَاتِهِ فِي قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ قَطْعًا، وَلَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فُرْقَةِ النِّكَاحِ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْ الْقَدِيمِ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: إنْ حَكَمَ بِهِ قَاضٍ نُقِضَ قَضَاؤُهُ إنْ بَانَ لَهُ أَنَّ تَقْلِيدَ الصَّحَابِيِّ لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ، وَالثَّانِي: لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ نَفَذَ فِي الزَّوْجَةِ طَلَاقُ الْمَفْقُودِ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ لِلْحُكْمِ بِحَيَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ أَمْ بَعْدَهَا، وَيَسْقُطُ بِنِكَاحِهَا غَيْرَهُ نَفَقَتُهَا عَنْ الْمَفْقُودِ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَيَسْتَمِرُّ السُّقُوطُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمَفْقُودُ عَوْدَهَا إلَى طَاعَتِهِ وَأَنَّهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ إنَّمَا يَزُولُ حِينَئِذٍ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي، إذْ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إلَّا فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute