إلَى لَائِقٍ بِهَا، أَوْ خَسِيسًا، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ، وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتِهَا وَلَا مُدَاخَلَتِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ لَهُ أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ
وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ
ــ
[مغني المحتاج]
إلَى) أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْ مَسْكَنِ النِّكَاحِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ سَمَحَ بِهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَهَلْ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ تَرَدُّدٌ؟ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْوُجُوبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَنَقْلِ الزَّكَاةِ إذَا عُدِمَ الْأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَقْرَبُ، وَإِنْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا فِيهِ لَزِمَهَا (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ اسْتِمْرَارِهَا فِيهِ وَطَلَبُ النُّقْلَةِ إلَى لَائِقٍ بِهَا إذْ لَيْسَ هُوَ حَقَّهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ سَمَحَتْ بِهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ وَقَدْ زَالَتْ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَعْمَى (مُسَاكَنَتُهَا وَلَا مُدَاخَلَتُهَا) فِي الدَّارِ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا وَهِيَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] أَيْ فِي الْمَسْكَنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) الْوَاسِعَةِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا (مَحْرَمٌ لَهَا) وَلَوْ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (مُمَيِّزٌ) يَسْتَحْيِي مِنْهُ، وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ مُرَاهِقٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، أَوْ مُرَاهِقًا، أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَى مِنْهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مِنْ الْمُرَاهَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ (ذَكَرٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْأُنْثَى كَأُخْتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ ثِقَةً، فَقَدْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي حُضُورُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الثِّقَةِ، فَالْمَحْرَمُ أَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ) مَا ذُكِرَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِاحْتِمَالِ النَّظَرِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ أَنْ يَكُونَا ثِقَتَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ لِمَا عِنْدَهَا مِنْ الْغَيْرَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى، كَمَا لَا يَكْفِي فِي السَّفَرِ بِالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا
تَنْبِيهٌ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَتَيْنِ أَجْنَبِيَّتَيْنِ ثِقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ - مِنْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو بِالنِّسَاءِ إلَّا الْمَحْرَمُ - مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الثِّقَاتِ لِيُوَافِقَ الْمَذْكُورَ هُنَا فَإِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَيَحْرُمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خَلْوَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْيَاءَ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَكْثَرُ مِنْ اسْتِحْيَاءِ الرَّجُلِ مِنْ الرَّجُلِ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ) وَهِيَ كُلُّ بِنَاءٍ مَحُوطٍ أَوْ نَحْوُهَا كَطَبَقَةٍ (فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (وَ) سَكَنَ (الْآخَرُ) الْحُجْرَةَ (الْأُخْرَى) مِنْ الدَّارِ (فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ) لِلدَّارِ وَهِيَ مَا يُرْتَفَقُ بِهِ فِيهَا (كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمَصَبِّ مَاءٍ وَمَرْقَى سَطْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute