للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ فَلَوْ قَتَّرَتْ بِمَا يَضُرُّهَا مَنَعَهَا، وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ وَظُرُوفِ طَعَامٍ وَمُشْطٍ تَمْلِيكٌ، وَقِيلَ إمْتَاعٌ.

وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ، فَإِنْ تَلِفَتْ فِيهِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبْدَلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ، فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تُرَدَّ.

ــ

[مغني المحتاج]

لَا كَالْكَفَّارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ (وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ) الْحُرَّةُ بِمَا شَاءَتْ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهَا. أَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ سَيِّدُهَا.

تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (فَلَوْ قَتَّرَتْ) بَعْدَ قَبْضِ نَفَقَتِهَا (بِمَا يَضُرُّهَا) أَيْ بِأَنْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا (مَنَعَهَا) زَوْجُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَضُرَّهَا وَلَكِنْ يُنَفِّرُهُ عَنْهَا لِحَقِّ الِاسْتِمْتَاعِ (وَمَا دَامَ نَفْعُهُ) مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، (كَكِسْوَةٍ) وَفَرْشٍ (وَظُرُوفِ طَعَامٍ) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَظُرُوفٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِيَتَنَاوَلَ ظُرُوفَ الْمَاءِ وَآلَةَ التَّنْظِيفِ (وَمِشْطٍ) بِالْجَرِّ، وَخَبَرُ مَا قَوْلُهُ (تَمْلِيكٌ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ كِسْوَةَ الْأَهْلِ أَصْلًا لِلْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ كَالطَّعَامِ، وَالطَّعَامُ تَمْلِيكٌ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَا الْكِسْوَةُ فَوَجَبَ هُنَا مِثْلُهُ (وَقِيلَ) هُوَ (إمْتَاعٌ) كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ بِجَامِعِ الِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُدْفَعُ إلَيْهَا وَالْمَسْكَنُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُسْكِنُهَا الزَّوْجُ مَعَهُ فَلَا تَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ، فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا اهـ. وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ.

(وَتُعْطَى) الزَّوْجَةُ (الْكِسْوَةَ أَوَّلَ) فَصْلِ (شِتَاءٍ وَ) أَوَّلَ فَصْلِ (صَيْفٍ) لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، هَذَا إنْ وَافَقَ النِّكَاحُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِلَّا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هَذَا فِيمَا لَا يَبْقَى سَنَةً غَالِبًا. أَمَّا مَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَالْفَرْشِ وَجُبَّةِ الْخَزِّ وَالْإِبْرَيْسَمِ فَيُجَدَّدُ فِي وَقْتِهِ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَجْدِيدِهِ، وَعَلَيْهِ تَطْرِيفُهَا عَلَى الْعَادَةِ (فَإِنْ) أَعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ فَصْلٍ مَثَلًا ثُمَّ (تَلِفَتْ فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْفَصْلِ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْهَا (لَمْ تُبْدَلْ إنْ قُلْنَا) بِالْأَصَحِّ: إنَّهَا (تَمْلِيكٌ) ؛ لِأَنَّهُ وَفَّاهَا مَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهَا إمْتَاعٌ أَبْدَلَتْ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ لَيْسَ شَرْطًا لِعَدَمِ الْإِبْدَالِ فَإِنَّهُ مَعَ التَّقْصِيرِ أَوْلَى، وَلَكِنَّ شَرْطَ الْمَفْهُومِ قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ فَإِنَّهُ يُفْهِمُ الْإِبْدَالَ إنْ قُلْنَا: إمْتَاعٌ كَمَا تَقَدَّمَ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الزَّوْجِ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا كِسْوَةً سَخِيفَةً فَبَلِيَتْ لِسَخَافَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ) مَاتَ أَوْ أَبَانَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ (مَاتَتْ فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ (لَمْ تُرَدَّ) عَلَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْيَوْمِ، فَإِنَّ كِسْوَةَ الْفَصْلِ كَنَفَقَةِ الْيَوْمِ وَتُرَدُّ عَلَى الْإِمْتَاعِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لِمُدَّةٍ لَمْ تَأْتِ كَنَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>