وَعَبَالَةُ زَوْجٍ، أَوْ مَرَضٌ يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ، وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ.
وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ أَوْ لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ وَلِحَاجَتِهَا يَسْقُطُ فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَصَحُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ، وَنَبَّهَ بِاللَّمْسِ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، لَكِنْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ النَّظَرَ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا أَوْ تَوْلِيَتِهِ يَكُونُ نُشُوزًا، وَالْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ نُشُوزٌ (وَعَبَالَةُ زَوْجٍ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كِبَرُ آلَتِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهَا الزَّوْجَةُ (أَوْ مَرَضٌ) بِهَا (يَضُرُّ) هَا (مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ) فِي مَنْعِهَا مِنْ وَطْئِهِ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ مَعَ مَنْعِ الْوَطْءِ لِعُذْرِهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْمُمْكِنِ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ الزَّوْجِ وَلَهُنَّ نَظَرُ ذَكَرِهِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ لِلشَّهَادَةِ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّفَافِ لِعَبَالَتِهِ، وَلَهَا ذَلِكَ بِالْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ. فُرُوعٌ: لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ عَادَةً كَمَرَضٍ وَرَتَقٍ وَقَرْنٍ وَضَنًى، وَهُوَ بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: مَرَضٌ مُدْنِفٌ، وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ، وَإِنْ قَارَنَتْ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعْذَارٌ بَعْضُهَا يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَبَعْضُهَا دَائِمٌ وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمْكِنُ، وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ غَضِبَتْ بِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتُ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِحَبْسِهَا وَلَوْ ظُلْمًا كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ، وَلَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ بِدَيْنِهِ هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَوْ لَا؟ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا سَقَطَتْ، أَوْ لِإِعْسَارٍ فَلَا، وَلَا أَثَرَ لِزِنَاهَا، وَإِنْ حَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا (وَالْخُرُوجُ) لِلزَّوْجَةِ (مِنْ بَيْتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ لَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (نُشُوزٌ) مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ لِعِبَادَةٍ كَحَجٍّ أَمْ لَا؟ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا لِمُخَالَفَتِهَا الْوَاجِبَ عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُشْرِفَ) الْبَيْتُ (عَلَى انْهِدَامٍ) فَلَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهَمُ الِاسْتِثْنَاءُ حَصَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهَا تُعْذَرُ فِي صُوَرٍ غَيْرِ ذَلِكَ، مِنْهَا مَا إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ ظُلْمًا، وَمِنْهَا مَا إذَا خَرِبَتْ الْمَحَلَّةُ وَبَقِيَ الْبَيْتُ مُنْفَرِدًا وَخَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ فَأَخْرَجَهَا مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ حَقِّهَا مِنْهُ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَعَسَرَ بِالنَّفَقَةِ سَوَاءٌ أَرَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَوَائِجِهَا الَّتِي يَقْتَضِي الْعُرْفُ خُرُوجَ مِثْلِهَا لَهُ لِتَعُودَ عَنْ قُرْبٍ لِلْعُرْفِ فِي رِضَا مِثْلِهِ بِذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ لِاسْتِفْتَاءٍ لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ عَنْ خُرُوجِهَا لَهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ خَرَجَتْ لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَوْ قَالَ: إلَّا لِعُذْرٍ لَشَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ.
(وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) وَلَوْ لِحَاجَتِهَا (أَوْ) وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ (لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ) نَفَقَتَهَا لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ فِي الْأُولَى، وَفِي غَرَضِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ الْمُسْقِطُ لِحَقِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute