للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأُنْثَى، وَإِلَّا فَيُقْرَعُ.

وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَمَجْنُونٍ، وَفَاسِقٍ وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

ــ

[مغني المحتاج]

فِيهِمْ أَقْرَبُ فَإِنْ اسْتَوَوْا وَفِيهِمْ أُنْثَى وَذَكَرٌ (فَالْأُنْثَى) مُقَدَّمَةٌ عَلَى الذَّكَرِ كَأُخْتٍ عَلَى أَخٍ وَبِنْتِ أَخٍ عَلَى ابْنِ أَخٍ؛ لِأَنَّهَا أَبْصَرُ وَأَصْبَرُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بَنَاتُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى ذُكُورِهِ، وَالْخُنْثَى هُنَا كَالذَّكَرِ، فَلَا يُقَدَّمُ الذَّكَرُ فِي مَحَلٍّ لَوْ كَانَ أُنْثَى لَقُدِّمَ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالْأُنُوثَةِ، فَلَوْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ غَالِبًا فَتَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ وَإِنْ أَبْهَمَ تَثْبُتُ ضِمْنًا لَا مَقْصُودًا، وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَبَعَّضُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أُنْثَى وَذَكَرٌ بِأَنْ اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَخَالَتَيْنِ (فَيُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ نِسَاءَ الْقَرَابَةِ وَإِنْ بَعُدْنَ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ الذُّكُورِ، وَإِنْ كَانُوا عَصَبَاتٍ لِأَنَّهُنَّ أَصْلَحُ لِلْحَضَانَةِ. .

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لِلْحَاضِنِ شُرُوطًا ذَكَرَ مِنْهَا الْمُصَنِّفُ سِتَّةً، وَأَنَا أَذْكُرُ بَاقِيَهَا فِي الشَّرْحِ: أَحَدُهَا الْحُرِّيَّةُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ) وَلَوْ مُبَعَّضًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْثَرْ إذْنَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَالِدِ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَمَا حَكَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا، وَثَانِيهَا الْعَقْلُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (مَجْنُونٍ) فَلَا حَضَانَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظُ وَلَا التَّعَهُّدُ بَلْ هُوَ فِي نَفْسِهِ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْضُنُهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ يَسِيرًا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْكَبِيرِ وَالرَّوْضَةِ كَيَوْمٍ فِي سِنِينَ لَمْ تَسْقُطْ الْحَضَانَةُ بِهِ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ، وَثَالِثُهَا الْأَمَانَةُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (فَاسِقٍ) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي وَلَا يُؤْتَمَنُ، وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهِ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ. نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي التَّرْشِيحِ: وَبِهِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْوَلَدِ، فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِمَّنْ تَسَلَّمَهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ اهـ.

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ. وَرَابِعُهَا: الْإِسْلَامُ، فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ مُسْلِمًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا فَتَنَهُ فِي دِينِهِ.

فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ وَأُمِّهِ الْمُشْرِكَةِ، فَمَالَ إلَى الْأُمِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَعَدَلَ إلَى أَبِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ، وَأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَبَ الْمُسْلِمَ، وَقَصْدُهُ بِتَخْيِيرِهِ اسْتِمَالَةُ قَلْبِ أُمِّهِ وَبِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ، إذْ لَوْ كَانَ لِأُمِّهِ حَقٌّ لَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ وَلَمَا دَعَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>