للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ، أَوْ مَعًا فَبِالْقُرْعَةِ، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ. قُلْت: فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ عَصَى وَوَقَعَ قِصَاصًا، وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ مِنْهُمَا، أَوْ جَاهِلًا بِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مِنْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ شَرِيكٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ، وَعَلَى الثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِهِ وَإِنْ ضَرَبَاهُ بِالْعَكْسِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْأَوَّلِ شِبْهُ عَمْدٍ وَالثَّانِي شَرِيكُهُ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَالثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ.

(وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا) أَوْ قَطَعَ أَطْرَافَهُمْ مَثَلًا (مُرَتَّبًا قُتِلَ) أَوْ قُطِعَ (بِأَوَّلِهِمْ) إنْ لَمْ يَعْفُ لِسَبْقِ حَقِّهِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ عَبْدًا قُتِلَ بِجَمِيعِهِمْ، فَإِنْ عَفَا الْأَوَّلُ قُتِلَ بِالثَّانِي وَهَكَذَا، وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِوَقْتِ الْمَوْتِ لَا بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ (أَوْ مَعًا) أَيْ دُفْعَةً كَأَنْ جَرَحَهُمْ أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا فَمَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقِ (فَبِالْقُرْعَةِ) وُجُوبًا، وَقِيلَ: نَدْبًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلَ أَوْ قُطِعَ بِهِ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الثَّانِي أَنْ يُجْبِرَ وَلِيَّ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَى الْقِصَاصِ أَوْ الْعَفْوِ بَلْ حَقُّهُ عَلَى التَّرَاخِي (وَلِلْبَاقِينَ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (الدِّيَاتُ) لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ مَاتَ الْجَانِي، فَإِنْ اتَّسَعَتْ التَّرِكَةُ لِجَمِيعِهِمْ فَذَاكَ وَإِلَّا قُسِمَتْ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِحَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ الْقُرْعَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَوْ تَرَاضَوْا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ إذْ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمْ، فَإِنْ بَدَا لَهُمْ رَدُّوا إلَيْهَا. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَأَقَرَّاهُ، وَلَوْ طَلَبُوا الِاشْتِرَاكَ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ لَمْ يُجَابُوا لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْضُ أَوْلِيَاءِ الْقَتْلَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَائِبًا حُبِسَ الْقَاتِلُ إلَى بُلُوغِهِ وَإِفَاقَتِهِ وَقُدُومِهِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ (عَصَى) لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مُنِعَ مِنْ قَتْلِهَا وَعُزِّرَ لِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ (وَوَقَعَ) قَتْلُهُ (قِصَاصًا) لِأَنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَفَا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يُنْتَقَلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (وَلِلْأَوَّلِ) أَوْ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (دِيَةٌ) يَعْنِي وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، وَلَوْ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ أَسَاءُوا وَوَقَعَ الْقَتْلُ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْبَاقِي لَهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ حَقِّهِ وَلَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ وَعَفَا الْوَارِثُ عَلَى مَالٍ اُخْتُصَّ بِالدِّيَةِ وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ، وَهَلْ الْمُرَادُ دِيَةُ الْقَتِيلِ أَوْ الْقَاتِلِ؟ حَكَى الْمُتَوَلِّي فِيهِ وَجْهَيْنِ: وَفَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الدِّيَتَيْنِ فَعَلَى الثَّانِي لَوْ كَانَ الْقَتِيلُ رَجُلًا وَالْقَاتِلُ امْرَأَةً وَجَبَ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْعَكْسِ مِائَةٌ، وَالْأَوْجَهُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>