للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلِيٍّ، وَكَذَا زَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ.

وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ طُولًا وَعَرْضًا.

ــ

[مغني المحتاج]

عُضْوٍ (أَصْلِيٍّ) قَطْعًا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: ٤٥] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي النَّفْسِ وَلِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ، فَلَوْ اُعْتُبِرَتْ لَتَعَطَّلَ حُكْمُ الْقِصَاصِ غَالِبًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يَدٌ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا قَطَعَهَا الْجَانِي وَهُوَ مُسْتَوِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ بَلْ فِيهَا دِيَتُهَا نَاقِصَةُ حُكُومَةٍ، حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ النَّقْصُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لَكِنَّ الَّذِي حَكَاهُ الْإِمَامُ هُنَا وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ إذَا كَانَ بِجِنَايَةٍ، وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَكَذَا) عُضْوٌ (زَائِدٌ) لَا يَضُرُّ فِيهِ التَّفَاوُتُ الْمَذْكُورُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَصْلِيِّ، وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْعُضْوِ الزَّائِدِ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِذَا كَانَ عُضْوُ الْجَانِي أَكْبَرَ كَانَتْ حُكُومَةً أَكْثَرَ فَلَا يُؤْخَذُ بِاَلَّذِي هُوَ أَنْقَصُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ فِيهِ بِالنَّصِّ، فَلَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِيهِ.

(وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ) بِالْمِسَاحَةِ (طُولًا وَعَرْضًا) فِي قِصَاصِهَا لَا بِالْجُزْئِيَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَيْنِ مَثَلًا قَدْ يَخْتَلِفَانِ صِغَرًا وَكِبَرًا، فَيَكُونُ جُزْءُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ جَمِيعِ الْآخَرِ فَيَقَعُ الْحَيْفُ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهَا بِالْمِسَاحَةِ أَدَّى إلَى أَخْذِ الْأَنْفِ بِبَعْضِ الْأَنْفِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ} [المائدة: ٤٥] وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ، فَاعْتُبِرَتْ بِالْمِسَاحَةِ، وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ: أَنْ تُذْرَعَ مُوضِحَةُ الْمَشْجُوجِ بِعُودٍ أَوْ خَيْطٍ، وَيُحْلَقَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ، وَيُخَطَّ عَلَيْهِ بِسَوَادٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُضْبَطَ الشَّاجُّ كَيْ لَا يَضْطَرِبَ وَيُوضَحَ بِحَدِيدَةٍ حَادَّةٍ كَالْمُوسَى لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَوْضَحَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْقَفَّالِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ بِمِثْلِ مَا فَعَلَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْجَانِي مَا هُوَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّقِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا، هَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْأَشْبَهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ جِنَايَتِهِ إنْ أَوْضَحَ دَفْعَةً فَدَفْعَةً، أَوْ التَّدْرِيجُ فَالتَّدْرِيجُ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ النِّزَاعِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِقُ الشَّعْرَ عِنْدَ الِاقْتِصَاصِ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ الْجِنَايَةِ شَعْرٌ فَإِنْ كَانَ بِرَأْسِ الشَّاجِّ شَعْرٌ دُونَ الْمَشْجُوجِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ الْجَانِي، وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وُجُوبُهُ بَعْدَ إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ مَوْضِعِ الشَّجَّةِ وَعَزَا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ عَلَى فَسَادِ مَنْبَتِ الْمَشْجُوجِ وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ حَلَقَ، وَهُوَ حَمْلٌ حَسَنٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الشَّعْرَ الْكَثِيفَ تَجِبُ إزَالَتُهُ لِيَسْهُلَ الِاسْتِيفَاءُ وَيَبْعُدَ عَنْ الْغَلَطِ. قَالَ: وَالتَّوْجِيهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>