وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ.
وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ، لَا فِي كَسْرِهَا، وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ لَمْ يُثْغِرْ فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ عَطْفُ عَيْنٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ يُقْطَعُ لَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ هُنَا، وَلِذَلِكَ قُدِّرَتْ فِي كَلَامِهِ تُؤْخَذُ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ، وَيُقْطَعُ جَفْنُ الْبَصِيرِ بِجَفْنِ الْأَعْمَى لِتَسَاوِي الْعُضْوَيْنِ فِي الْجِرْمِ وَالصِّحَّةِ، وَالْبَصَرُ لَيْسَ فِي الْجَفْنِ، لَكِنْ لَا يُؤْخَذُ جَفْنٌ لَهُ أَهْدَابٌ بِمَا لَا أَهْدَابَ لَهُ.
(وَلَا) يُقْطَعُ (لِسَانٌ نَاطِقٌ) أَيْ مُتَكَلِّمٌ (بِأَخْرَسَ) لِأَنَّ النُّطْقَ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُ إنْ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ شَيْءٌ، وَيُقْطَعُ لِسَانُ نَاطِقٍ بِلِسَانِ رَضِيعٍ إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ بِحَيْثُ يُحَرِّكُهُ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ، كَذَا قَالَاهُ هُنَا، لَكِنْ ذَكَرَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي لِسَانِ الرَّضِيعِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ كَقَطْعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيهِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَجَبَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا لَوْ قُطِعَ يَدُهُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ.
(وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: ٤٥] نَعَمْ لَا تُؤْخَذُ الَّذِي بَطَلَ نَفْعُهَا أَوْ الَّتِي فِيهَا صِغَرٌ بِحَيْثُ لَمْ تَصْلُحْ لِلْمَضْغِ، أَوْ كَانَ بِهَا نَقْصٌ يَنْقُصُ بِهِ أَرْشُهَا كَأَنْ كَانَتْ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ أَنْقَصَ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً اضْطِرَابًا شَدِيدًا إلَّا بِمِثْلِهَا، وَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِمَكْسُورَةٍ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُ مَعَ أَرْشِ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَكْسُورَةِ، وَتُؤْخَذُ الْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى، وَ (لَا) قِصَاصَ (فِي كَسْرِهَا) بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ فَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مُشَاهَدٌ مِنْ أَكْثَرِ الْجَوَانِبِ، وَلِأَهْلِ الصَّنْعَةِ آلَاتٌ قَطَّاعَةٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي الضَّبْطِ فَلَمْ يَكُنْ كَسَائِرِ الْعِظَامِ، وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ «أَنَّ أُخْتَهُ الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَطَلَبُوا الْأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا» وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا لَوْ قُلِعَتْ مِمَّنْ لَمْ يُثْغِرْ فَعَادَتْ نَاقِصَةً اُقْتُصَّ فِي الزِّيَادَةِ إنْ أَمْكَنَ (وَلَوْ قَلَعَ) شَخْصٌ مَثْغُورٌ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، وَهِيَ أَرْبَعٌ تَنْبُتُ وَقْتَ الرَّضَاعِ يُعْتَبَرُ سُقُوطُهَا لَا سُقُوطُ الْكُلِّ، قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، فَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِالرَّوَاضِعِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ، أَوْ غَيْرُ مَثْغُورٍ (سِنَّ) كَبِيرٍ أَوْ (صَغِيرٍ لَمْ يُثْغَرْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الْمُثَلَّثِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ الْمُعْجَمِ أَيْ لَمْ تَسْقُطْ أَسْنَانُهُ الرَّوَاضِعُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا السُّقُوطُ، وَمِنْهَا الْمَقْلُوعَةُ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ) بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إتْلَافُهَا؛ لِأَنَّهَا تَعُودُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الشَّعْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute