وَمَجُوسِيٌّ ثُلُثَا عُشْرِ مُسْلِمٍ، وَكَذَا وَثَنِيٌّ لَهُ أَمَانٌ.
وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ دِينِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُعْقَلُ بِلَا تَوْقِيفٍ. فَفِي قَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جَذَعَاتٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ، وَفِي قَتْلِهِ خَطَأً لَمْ تَغْلُظْ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِنْ كُلٍّ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَبَنِي اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: دِيَةُ مُسْلِمٍ وَقَالَ مَالِكٌ: نِصْفُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ قَتَلَ عَمْدًا فَدِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ خَطَأً فَنِصْفُهَا أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ وَمَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِكُلِّ حَالٍ وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَهُوَ كَالْمَجُوسِيِّ وَأَمَّا الْأَطْرَافُ وَالْجِرَاحُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى النَّفْسِ.
تَنْبِيهٌ: السَّامِرَةُ كَالْيَهُودِ، وَالصَّابِئَةُ كَالنَّصَارَى إنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمَا أَهْلُ مِلَّتِهِمَا، وَإِلَّا فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ (وَمَجُوسِيٌّ) لَهُ أَمَانٌ دِيَتُهُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ، وَهِيَ (ثُلُثَا عُشْرِ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَفِيهِ عِنْدَ التَّغْلِيظِ حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَخِلْفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ، وَعِنْدَ التَّخْفِيفِ بَعِيرٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ سِنٍّ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ خَمْسَ فَضَائِلَ، وَهِيَ حُصُولُ كِتَابٍ وَدِينٍ كَانَ حَقًّا بِالْإِجْمَاعِ، وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، وَيُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا التَّقْرِيرُ بِالْجِزْيَةِ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ مِنْ الْخُمْسِ مِنْ دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: ثُلُثَا عُشْرٍ أَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُ خُمْسٍ؛ لِأَنَّ فِي الثُّلُثَيْنِ تَكْرِيرًا، وَأَيْضًا فَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ أَهْلِ الْحِسَابِ لِكَوْنِهِ أَخَصْرَ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) وَنَحْوُهُ، كَعَابِدِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَزِنْدِيقٍ، وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مِمَّنْ (لَهُ أَمَانٌ) كَدُخُولِهِ لَنَا رَسُولًا، أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَهَدَرٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ دِيَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ مَثَلًا، وَهِيَ دِيَةُ الْكِتَابِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَشْرَفِ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَبًا أَمْ أُمًّا؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَالضَّمَانُ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ، وَيَحْرُمُ قَتْلُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لِأَمَانِهِ، وَدِيَةُ نِسَاءِ وَخَنَاثَى مَنْ ذُكِرَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ، وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى إلَى هُنَا لَشَمِلَ الْجَمِيعَ، وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ. وَالْوَثَنُ: هُوَ الصَّنَمُ، وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ لَا يُقَالُ وَثَنٌ إلَّا لِمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ صَخْرَةٍ كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ.
(وَالْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (أَنَّ مَنْ) قَتَلَ مَعْصُومًا، وَ (لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ) أَيْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ) أَهْلِ (دِينِهِ) دِيَتُهُ، فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ، وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَقِيلَ: دِيَةُ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ عِنَادٌ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِدِينٍ مَنْسُوخٍ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ، فَأُلْحِقَ بِالْمُسْتَأْمَنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ وَجَبَ فِيهِ أَخَسُّ الدِّيَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ أَوْ لَا فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ أَوْ الْكُفْرِ، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: الضَّمَانُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute