وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ.
وَلَوْ نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَوْصَلَ جَوْفَهُ سِنَانًا لَهُ طَرَفَانِ فَثِنْتَانِ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَبَعًا لِلْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي الْعَطْفِ عَلَى مَجْرُورٍ إعَادَةُ الْجَارِّ خِلَافًا لِلْبَصْرِيِّينَ وَالْفَتْحُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِعْطَاءِ إعْرَابِهِ الْمُضَافَ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أَيْ أَهْلَهَا.
فَرْعٌ: لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي مُوضِحَةٍ وَعَفَا عَلَى مَالٍ هَلْ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ أَرْشٌ كَامِلٌ أَوْ عَلَيْهِمَا أَرْشٌ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ النَّفْسِ، فَإِنَّ عَلَيْهِمَا دِيَةً وَاحِدَةً؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْضَحَا مُوضِحَتَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِمَا ثُمَّ رَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَإِنَّ الْمُوضِحَةَ تَتَّحِدُ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَعَلَى الرَّافِعِ أَرْشٌ كَامِلٌ وَعَلَى غَيْرِهِ أَرْشَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِهِ لَزِمَ الرَّافِعَ نِصْفُ أَرْشٍ وَلَزِمَ صَاحِبَهُ أَرْشٌ كَامِلٌ وَجَرَى عَلَى هَذَا ابْنُ الْمُقْرِي (وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي) الِاتِّحَادِ وَفِي (التَّعَدُّدِ) الْمُتَقَدِّمِ صُورَةً وَحُكْمًا وَمَحَلًّا وَفَاعِلًا وَفِي رَفْعِ الْحَاجِزِ بَيْنَ الْجَائِفَتَيْنِ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ أَرْشِ الْجَائِفَةِ عَلَى مَنْ وَسَّعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ أَنْ يُوَسِّعَ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ بِخِلَافِ الْمُوضِحَةِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ أَدْخَلَ سِكِّينًا فِي جَائِفَةِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ وَيُعَزَّرُ، وَإِنْ زَادَ فِي غَوْرِهَا وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ عُضْوٌ بَاطِنٌ كَالْكَبِدِ فَغَوَّرَ السِّكِّينَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، وَإِنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْ جَانِبِ بَعْضِ الظَّاهِرِ وَمِنْ جَانِبِ بَعْضِ الْبَاطِنِ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ثَخَانَةِ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ وَيُقَسَّطُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقَدْ يَقْتَضِي التَّقْسِيطُ تَمَامَ الْأَرْشِ بِأَنْ يَقْطَعَ نِصْفَ الظَّاهِرِ مِنْ جَانِبٍ وَنِصْفَ الْبَاطِنِ مِنْ جَانِبٍ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ.
(وَلَوْ) طَعَنَهُ بِآلَةٍ طَعْنَةً (نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ) أَوْ عَكْسُهُ أَوْ نَفَذَتْ مِنْ جَنْبٍ وَخَرَجَتْ مِنْ جَنْبٍ (فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ فِي الْأُمِّ اعْتِبَارًا لِلْخَارِجَةِ بِالدَّاخِلَةِ، وَقَدْ قَضَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلٍ رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَأَنْفَذَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فَكَانَ إجْمَاعًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالثَّانِي فِي الْخَارِجَةِ حُكُومَةٌ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ وَالظَّهْرِ حَقِيقَتُهُمَا، لَا كُلُّ بَاطِنٍ وَظَاهِرٍ لِمَا مَرَّ فِي الْفَمِ وَالذَّكَرِ وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ أَوْصَلَ جَوْفَهُ) بِالْخَرْقِ (سِنَانًا) هُوَ طَرَفُ الرُّمْحِ (لَهُ طَرَفَانِ فَثِنْتَانِ) إنْ سَلِمَ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَجَافَهُ بِاثْنَيْنِ، فَإِنْ خَرَجَا مِنْ ظَهْرِهِ فَأَرْبَعُ جَوَائِفَ.
تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ فَإِنَّهَا قَدْ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ فِي الْمُوضِحَةِ أَنَّهُ لَوْ أَوْضَحَ فِي مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ تَعَدَّدَ الْأَرْشُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ طَعَنَ جَوْفَهُ بَدَلَ أَوْصَلَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تَصْدُقُ لَوْلَا مَا قَدَّرْتُهُ بِأَنْ يُوصِلَهُ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute