للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَلَا شَيْءَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ، وَلَوْ قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ فَبِحِسَابِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَادَتْ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إنْ بَقِيَ شَيْنٌ، وَإِلَّا فَلَا (وَالْأَظْهَرُ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) لِحَالِ طُلُوعِهَا وَعَدَمِهِ (فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَعَادَتْ، وَالثَّانِي يَجِبُ الْأَرْشُ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَوْدِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا حُكُومَةَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وُجُوبَهَا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ نَبَاتِهَا أَنَّهُ لَا حُكُومَةَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الْحُكُومَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقِسْطِ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ تَكْمُلْ، وَلَوْ قَلَعَهَا قَبْلَ تَمَامِ نَبَاتِهَا آخَرُ اُنْتُظِرَتْ، فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ أَكْثُرُ مِنْ الْحُكُومَةِ الْأُولَى، وَإِنْ أَفْسَدَ مَنْبَتَ غَيْرِ الْمَثْغُورَةِ آخَرُ بَعْدَ قَلْعِ غَيْرِهِ لَهَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كَذَلِكَ فِي أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ رَجَّحَهُ فِي الْبَيَانِ، وَإِنْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ ثُمَّ أَفْسَدَ شَخْصٌ مَنْبَتَهَا لَزِمَهُ حُكُومَةٌ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْلَعْ سِنًّا (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَوْ قَلَعَ) شَخْصٌ (سِنَّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ) تِلْكَ الْمَقْلُوعَةُ (لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ) لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ كَمُوضِحَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ الْتَحَمَتْ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْتِحَامِهَا الْقِصَاصُ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ لِأَنَّ الْعَائِدَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ تَعُدْ وَجَبَ الْأَرْش جَزْمًا (وَلَوْ قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ) كُلُّهَا، وَهِيَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فِي غَالِبِ الْفِطْرَةِ كَمَا مَرَّ؛ أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ، ثُمَّ أَرْبَعُ رُبَاعِيَّاتٍ: ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ، ثُمَّ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ وَاثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا، وَتُسَمَّى الطَّوَاحِينَ، قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَإِنْ قِيلَ: قَضِيَّتُهُ أَنَّ النَّوَاجِذَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ آخِرُهَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ قَضِيَّتَهُ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِثُمَّ، ثُمَّ عَطَفَ النَّوَاجِذَ وَالْأَضْرَاسَ بِالْوَاوِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا. وَأَمَّا خَبَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» فَالْمُرَادُ ضَوَاحِكُهُ؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ تَبَسُّمًا (فَبِحِسَابِهِ) فَفِيهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا، سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مَعًا أَمْ مُرَتِّبًا لِمَا مَرَّ أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ (وَفِي قَوْلٍ) حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَجْهًا (لَا يَزِيدُ) أَرْشُ جَمِيعِ الْأَسْنَانِ (عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ) عَلَيْهَا كَأَنْ أَسْقَطَهَا بِشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ بِضَرَبَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ انْدِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ جِنْسٌ مُتَعَدِّدٌ، فَأَشْبَهَ الْأَصَابِعَ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا إنَّمَا اعْتَبَرْنَا الْأَسْنَانَ فِي أَنْفُسِهَا وَإِنْ زَادَ أَرْشُهَا عَلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَخْتَلِفُ نَبَاتُهَا وَيَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ، فَاحْتِيجَ إلَى اعْتِبَارِهَا فِي أَنْفُسِهَا، بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ مُتَفَقِّهٌ فِي النَّبَاتِ فَقُسِّطَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَخَلَّلَ الِانْدِمَالُ بَيْنَ كُلِّ سِنٍّ وَأُخْرَى أَوْ تَعَدَّدَ الْجَانِي فَإِنَّهَا تُزَادُ قَطْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>