للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا.

وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَأُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ، وَأُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا.

وَالرِّجْلَانِ

ــ

[مغني المحتاج]

الْكَفُّ، لَكِنَّهُ مَتْرُوكٌ بِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَكُلِّ إصْبَعٍ عَشَرَةٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الْيَدِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ احْتِمَالِ إيجَابِ الْحُكُومَةِ لِأَجْلِ الْكَفِّ لَا لِلنَّقْصِ إنْ قُطِعَ مِنْ دُونِهِ، وَهَذَا إذَا حَزَّهُ مِنْ الْكَفِّ، فَإِنْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ قَطَعَ الْكَفَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ أَوْ قَبْلَهُ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ كَمَا فِي السِّنْخِ مَعَ السِّنِّ. وَأُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَتْ أَصَابِعُ إحْدَى يَدَيْهِ وَكَفُّهَا أَقْصَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْقَصِيرَةِ نِصْفُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ بَلْ يَجِبُ نِصْفُ دِيَةٍ نَاقِصَةِ حُكُومَةٍ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ (فَإِنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ) أَيْ الْكَفِّ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ (أَيْضًا) مَعَ دِيَةِ الْكَفِّ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْكَفِّ لَيْسَ بِتَابِعٍ بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَطْعِهِمَا فِي السَّرِقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] .

تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَدْ يَجِبُ فِي الْيَدِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ يَمِينَ آخَرَ حَالَ صِيَالِهِ ثُمَّ يَسَارَهُ حَالَ تَوَلِّيهِ عَنْهُ، ثُمَّ رِجْلَيْهِ حَالَ صِيَالِهِ عَلَيْهِ ثَانِيًا، فَمَاتَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِلْيَدِ الْيُسْرَى اهـ.

وَهَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ أَنَّ النَّفْسَ فَاتَتْ بِثَلَاثِ جِرَاحَاتٍ فَوُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّ الْيَدَ وَجَبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَجِبُ فِي الْيَدَيْنِ بَعْضُ الدِّيَةِ كَأَنْ سَلَخَ جِلْدَ شَخْصٍ فَبَادَرَ آخَرُ وَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَطَعَ يَدَيْهِ، فَالسَّالِخُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ وَقَاطِعُ الْيَدَيْنِ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ يُنْقَصُ مِنْهَا مَا يَخُصُّ الْجِلْدَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْيَدَيْنِ اهـ.

وَهَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ فَإِنَّا أَوْجَبْنَا فِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةَ بِتَمَامِهَا، وَإِنَّمَا نَقَّصْنَا مِنْهَا شَيْئًا لِأَجْلِ مَا فَاتَ مِنْ الْيَدَيْنِ، لَا أَنَّا أَوْجَبْنَا دُونَ الدِّيَةِ فِي يَدَيْنِ تَامَّتَيْنِ.

(وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ) أَصْلِيَّةٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ عُشْرُ دِيَةِ صَاحِبِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى، فَفِيهَا لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ (عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. أَمَّا الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ فَفِيهَا حُكُومَةٌ (وَ) فِي كُلِّ (أُنْمُلَةٍ) مِنْهَا مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ) لِأَنَّ لِكُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثَ أَنَامِلَ إلَّا الْإِبْهَامَ فَلَهُ أُنْمُلَتَانِ كَمَا قَالَهُ (وَ) فِي (أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا) عَمَلًا بِقِسْطِ وَاجِبِ الْأُصْبُعِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ انْقَسَمَتْ أُصْبُعٌ أَرْبَعَ أَنَامِلَ مُتَسَاوِيَةً فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ الْعُشْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيُقَاسُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّاقِصَةُ عَنْ الثَّلَاثِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَقْسِمُوا دِيَةَ الْأَصَابِعِ عَلَيْهَا إذَا زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فِي الْأَنَامِلِ، بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةً. قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ مِنْ الْأَصَابِعِ مُتَمَيِّزَةٌ وَمِنْ الْأَنَامِلِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَلِذَلِكَ اشْتَرَكَتْ الْأَنَامِلُ وَتَفَرَّقَتْ الْأَصَابِعُ، وَأَيْضًا أَنَّ الْأَنَامِلَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ، وَلَمَّا لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَصَابِعُ فِي الْخِلْقَةِ الْمَعْهُودَةِ فَارَقَهَا حُكْمُ الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِأُصْبُعِهِ أَنَامِلُ فَفِيهِ دِيَةٌ تَنْقُصُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْيَدِ.

الْعُضْوُ الْعَاشِرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالرِّجْلَانِ) فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>