للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ كَكَامِلَيْنِ، وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّتَانِ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَتَا لِغَيْرِهِمَا كَالْمُعَارَتَيْنِ وَالْمُسْتَأْجَرَتَيْنِ لَمْ يُهْدَرْ مِنْهُمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَ وَنَحْوَهُ مَضْمُونٌ، وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا فِي السَّفِينَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَتَا لَهُمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُقَدَّمِ وَإِطْلَاقُ الْمُؤَخَّرِ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ. أَمَّا غَيْرُ الْحُرَّيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا عَلَى الْأَثَرِ. فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْمُصْطَدِمَيْنِ بَيْضَةٌ، وَهِيَ مَا تُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ فَكُسِرَتْ، فَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ بَيْضَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ وَهُدِرَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَسَقَطَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَلْقِيَيْنِ، أَمْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالْآخَرُ مُسْتَلْقِيًا، فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ الْحَبْلَ فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهُدِرَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ ظَالِمٌ فَالظَّالِمُ هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ، وَلَوْ كَانَ شَخْصٌ يَمْشِي فَوَقَعَ مَدَاسُهُ عَلَى مُؤَخَّرِ مَدَاسِ غَيْرِهِ وَتَمَزَّقَ لَزِمَهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَمَزَّقَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ) أَوْ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ فِي اصْطِدَامِهِمْ (كَكَامِلَيْنِ) فِيمَا سَبَقَ فِيهِمَا وَمِنْهُ التَّغْلِيظُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ إنْ كَانَا مُمَيِّزَيْنِ، هَذَا إنْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَكَذَا إنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّهُمَا لِمَصْلَحَتِهِمَا وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطُ الْمَرْكُوبَ (وَقِيلَ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَجَوَازُهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ كَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ مَا إذَا أَرْكَبَهُمَا لِزِينَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ غَيْرِ مُهِمَّةٍ، فَإِنْ أَرْهَقَتْ إلَى إرْكَابِهِمَا حَاجَةٌ كَنَقْلِهِمَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَطْعًا، قَالَا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ، فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ دَابَّةً شَرِسَةً جَمُوحًا ضَمِنَ الْوَلِيُّ لِتَعَدِّيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِيمَنْ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، فَلَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّةً هَادِيَةً وَهُوَ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ تَضْمِينِ الْوَلِيِّ مَا إذَا كَانَا غَيْرَ مُمَيِّزَيْنِ كَابْنِ سَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ فَأَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنْ لَا يُنْسَبَ الْوَلِيُّ إلَى تَقْصِيرٍ فِي تَرْكِ مَنْ يَكُونُ مَعَهُمَا مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْسَالِهِ مَعَهُمَا. قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ هُنَا وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ، لَا وَلِيُّ الْمَالِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبَسَطَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ: يُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ خَاصٍّ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْخَادِمِ ظَاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>