للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَلْقِ فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ

وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ، أَوْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

فَرْعٌ: لَوْ أَلْقَى الْمَتَاعَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ بَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَدْعَى، وَكَذَا لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ، وَلَا بُدَّ فِي الضَّمَانِ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الِالْتِزَامِ فَلَوْ رَجَعَ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَضْمَنُ (وَلَوْ اقْتَصَرَ) الْمُلْتَمِسُ (عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ (فَلَا) ضَمَانَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ بِالْقَضَاءِ بَرِئَ قَطْعًا، وَالْإِلْقَاءُ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ.

تَنْبِيهٌ: هَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَأْمُورِ بِإِلْقَاءِ مَالِهِ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ أَوْ لَا فَرْقَ؟ . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ، لَكِنَّهُمْ فِي مَوَاضِعَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ.

وَلَوْ أَلْقَى صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَتَاعَهُ عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ بِلَا اسْتِدْعَاءٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الرُّكْبَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْإِلْقَاءُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ) مِنْ مَالِكِهِ طَرْحَ مَتَاعِهِ (لِخَوْفِ غَرَقٍ) لِلسَّفِينَةِ فَفِي حَالَةِ الْأَمْنِ لَا ضَمَانَ، سَوَاءٌ أَقَالَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَمْ لَا: كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: اهْدِمْ دَارَكَ أَوْ أَحْرِقْ مَتَاعَكَ فَفَعَلَ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ الْخَوْفُ وَلَكِنَّهُ مُتَوَقَّعٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي تَخْرِيجُ خِلَافٍ فِيهِ مِنْ تَنْزِيلِ الْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ، ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِشَرْطِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي) وَهُوَ مَالِكُ الْمَتَاعِ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ الْمُشْرِفَةِ عَلَى الْغَرَقِ غَيْرُهُ، وَهَذَا صَادِقٌ بِسِتِّ صُوَرٍ: الْأُولَى أَنْ يَخْتَصَّ النَّفْعُ بِالْمُلْتَمِسِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعُودَ لَهُ وَلِمَالِكِ الْمَتَاعِ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْتَصَّ بِغَيْرِهِمَا. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَخْتَصَّ بِمَالِكِ الْمَتَاعِ وَأَجْنَبِيٍّ. الْخَامِسَةُ: أَنْ يَعُودَ لِلْمُلْتَمِسِ وَأَجْنَبِيٍّ. السَّادِسَةُ: أَنْ يَعُمَّ الثَّلَاثَةَ، وَفِي جَمِيعهَا يَضْمَنُ الْمُلْتَمِسُ وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِالثَّانِيَةِ وَلَا السَّادِسَةِ، أَمَّا إذَا اخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي وَحْدَهُ بِأَنْ أَشْرَفَتْ سَفِينَتُهُ عَلَى الْغَرَقِ وَفِيهَا مَتَاعُهُ، فَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ الشَّطِّ أَلْقِ مَتَاعَكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَلْقَاهُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِلْقَاءُ لِحِفْظِ نَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ عِوَضًا: كَمَا لَوْ قَالَ لِلْمُضْطَرِّ: كُلْ طَعَامَكَ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَأَكَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُلْتَمِسِ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ، أَوْ عَلَى أَنِّي أَضْمَنُهُ أَنَا وَرُكَّابُهَا، أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَهُمْ ضَامِنُونَ، أَوْ أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَهُ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ، أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ، أَوْ قَالَ: أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَهُ لَزِمَهُ قِسْطُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَعَهُ كُلٌّ مِنَّا بِالْحِصَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>