للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا.

وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عُمِلَ بِالثَّانِي وَلَا قَضَاءَ حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا قَضَاءَ.

ــ

[مغني المحتاج]

إلَى جِهَاتٍ أَرْبَعٍ بِاجْتِهَادَاتٍ فَلَا قَضَاءَ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي.

(فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا مَضَى، وَإِلَى هَذَا الْبِنَاءِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَوْ، وَيَنْحَرِفُ عَنْ مُقَابِلِهِ إلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَيُتِمُّهَا إنْ ظَهَرَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ جِهَةُ الصَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْمَاضِيَ مُعْتَدٌ بِهِ، وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ تَيَقُّنُ الْخَطَأِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) ثَانِيًا فَظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ فِي جِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الْأُولَى (عُمِلَ بِالثَّانِي) وُجُوبًا إنْ تَرَجَّحَ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ الصَّوَابُ فِي ظَنِّهِ وَالْخَطَأُ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (وَلَا قَضَاءَ) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (حَتَّى لَوْ صَلَّى) صَلَاةً (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ (فَلَا) إعَادَةَ وَلَا (قَضَاءَ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ مُؤَدَّاةٌ بِاجْتِهَادٍ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا الْخَطَأُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا وَلَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا عُمِلَ بِالْأَوَّلِ وُجُوبًا كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مِنْ تَصْحِيحِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي، وَفَارَقَ حُكْمَ التَّسَاوِي قَبْلَهَا بِأَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِيهَا جِهَةً فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَّا بِأَرْجَحَ مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ فَاحْتِيطَ لَهَا، وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَظُنَّ الصَّوَابَ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ، فَإِنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ.

وَلَوْ طَرَأَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ شَكٌّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجِهَاتِ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ.

خَاتِمَةٌ: لَوْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا وَصَلَّى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا، وَالتَّغَيُّرُ الْمَذْكُورُ عُذْرٌ فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ.

وَلَوْ قِيلَ لِأَعْمَى وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ: صَلَاتُكَ إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَبْصَرَ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ لِلْقِبْلَةِ بِخَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ مِحْرَابٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَتَمَّهَا، أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَ جِهَتِهِ انْحَرَفَ إلَى مَا ظَنَّهُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ فِيهَا.

وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِلْمُقَلِّدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ أَخْطَأَ بِك مُقَلِّدُك، وَالْمُجْتَهِدُ الثَّانِي عِنْدَهُ أَعْرَفُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَعْرَفَ مِنْ الْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا قُطِعَ بِأَنَّ الصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمَا مَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>