وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرَةِ، وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَحْتِ صَدْرِهِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَيُطْرِقُ رَأْسَهُ قَلِيلًا.
(وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرَةِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَرْكَانِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرُّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا كَمَا يَجِبُ حُضُورُ شُهُودِ النِّكَاحِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ (وَقِيلَ: يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِأَوَّلِهِ) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ مَا يَنْوِيهِ قَبْلَهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا إلَى آخِرِهِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلِينَ فِي تَسَامُحِهِمْ بِذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ، وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِانْعِقَادِ، وَالِانْعِقَادُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اشْتِرَاطُ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْجَلِيلِ مَثَلًا إذَا قَالَ: اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي أَنَّ كَلَامَهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ شَيْءٍ بَيْنَ لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِيمَا عَدَا لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، إذْ الْمُعْتَبَرُ اقْتِرَانُهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِلْعُسْرِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ، وَيُعْتَبَرُ عَدَمُ الْمُنَافِي كَمَا فِي عَقْدِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يَسْتَمِرَّ بَطَلَتْ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهَا أَضْيَقُ بَابًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَكَانَ تَأْثِيرُهَا بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ أَشَدُّ.
فَالْعِبَادَةُ فِي قَطْعِ النِّيَّةِ أَضْرَبُ: الْأَوَّلُ: الْإِيمَانُ وَالصَّلَاةُ يَبْطُلَانِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ وَبِالتَّرَدُّدِ.
الثَّانِي: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لَا يَبْطُلَانِ بِهِمَا.
الثَّالِثُ: الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ.
الرَّابِعُ: الْوُضُوءُ لَا يَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا بِالتَّرَدُّدِ فِيهِ قَطْعًا، وَلَا أَثَرَ لِلْوَسَاوِسِ الطَّارِقَةِ لِلْفِكْرِ بِلَا اخْتِيَارٍ بِأَنْ وَقَعَ فِي فِكْرِهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ فَقَدْ يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
فُرُوعٌ لَوْ عُلِّقَ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِحُصُولِ شَيْءٍ بَطَلَتْ فِي الْحَالِ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ بِحُصُولِهِ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ شَخْصٍ، وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الثَّانِيَةِ فِعْلًا مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ كَتَكَلُّمٍ وَأَكْلٍ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ هُنَا لَيْسَ بِجَازِمٍ وَهُنَاكَ جَازِمٌ، وَالْمُحَرَّمُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ.
وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِتَمَامِ النِّيَّةِ أَوْ لَا أَوْ هَلْ نَوَى ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا، فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ وَلَوْ قَوْلِيًّا كَالْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِانْقِطَاعِ نَظْمِهَا، وَنُدْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى، وَلِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّوَقُّفِ إلَى التَّذَكُّرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِهِ وَيَتَوَقَّفَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ، بِخِلَافِ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكْنًا نَاسِيًا إذْ لَا حِيلَةَ فِي النِّسْيَانِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَعْضُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ كَكُلِّهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ أَوْ لَمْ يُعِدْ مَا قَرَأَهُ فِيهِ، وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اهـ.
فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ طُولِ الزَّمَانِ وَإِتْيَانِهِ بِرُكْنٍ لَمْ تَبْطُلْ لِكَثْرَةِ عُرُوضِ مِثْلِ ذَلِكَ.
وَقَوْلُ